عنوان الفتوى : حكم قبول المحامي زوجا
تقدم شاب لخطبة أختي(عمرها 28 عاما) وهو على دين وخلق إلا أنه يعمل محاميا ولا يخفى عليكم ما ابتلي به كثير من بلدان المسلمين من الحكم بغير ما أنزل الله حيث لا توجد محاكم شرعية في بلادنا، فكل المحاكم تحكم بالقوانين الوضعية وإن صادف حكمها الحكم الشرعي خاصة في بعض المجالات كالإرث وغيره، فسؤالي : أولا ما حكم المحاماة كعمل- في هذه الظروف- ثانيا هل نقبل هذا الخاطب أم نرده، أرجو أن يكون
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أنه لا يجوز للمسلم العمل في المحاكم الوضعية كمحام أو غير ذلك من وظائفها، لأن الحكم بغير شرع الله تعالى كفر وظلم وفسق؛ كما قال الله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ{المائدة: 44}. وفي آية أخرى: فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{المائدة: 45}. والآية الأخرى: فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{المائدة: 47}. وقال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً {النساء:65}.
وعلى ذلك؛ فلا يجوز العمل بهذه المحاكم أو معها.. إلا إذا كان ذلك بقصد تحصيل بعض المصالح أو تقليل المفاسد بالدفع عن أصحاب الحق والمظلومين ... وإقامة الحجة على المتحاكمين إلى الطاغوت وبيان بطلان قوانينهم وضعفها عند مقارنتها بالأحكام الشرعية.. أو سد مكان يمكن أن يشغله شخص ظالم فاسد، أو ما أشبه ذلك من المقاصد الشرعية، فقد قال أهل العلم: إن الشريعة الإسلامية مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد أو تقليلها، وترجيح خير الخيرين بتفويت أدناهما، ودفع شر الشرين باحمتال أدناهما.
أما إذا كان لم يكن العمل بقصد تحقيق مصلحة شرعية فإنه لايجوز لأنه حينئذ يكون تعاونا على الإثم والعدوان، ومشاركة في الكفر والظلم والفسوق والعصيان. وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين: 18505، 1028.
وأما بالنسبة للخاطب فإن كان ممن ترضون دينه وخلقه فلا يرد لمجرد كونه يعمل محامياً في تلك المحاكم حتى يبين له حكم العمل فيها وضوابط وشروط جوازه، فقد يكون جاهلا لذلك، وقد يكون يعمل وفقاً لتلك الضوابط والشروط. ولكن إن تبين أن عمله فيها غير جائز وعلم ذلك وأصر عليه فإنه لا ينبغي حينئذ أن يزوج لأنه غير مرضي الدين ولأن كسبه خبيث.