عنوان الفتوى : مؤن الدفن وتجهيز الزوجة هل تجب على زوجها

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

زوجة توفي عنها زوجها ولم ترزق منه بأولاد وترك لها في حصتها الشرعية مالا قدره حوالي 12 ألف دولار، وذلك منذ 21 سنة، ومعاشا يكفيها حاجتها، وعندما تزوجت بعد وفاة زوجها بثلاث سنوات منذ 18 سنة أوقف عنها المعاش، والزوج الثاني حالته المادية جيدة وله أولاد من غيرها متزوجون جميعاً وهي ليس لديها أولاد، وطول هذه السنين تخدمه وترعاه وتصرف على نفسها من إرثها من زوجها الأول والزوج الثاني فقط يقوم بإيوائها وأكلها، سؤالي هو: هل من حق الزوج الثاني بعد وفاتها في إرث باقي ما لديها من مال وذهب، وهل من حقه ألا يتكفل بمصاريف المأتم والدفن، علماً بأن لديها 2 إخوة ذكور و4 أخوات بنات كانوا يتمنون أن يقوموا بعمل صدقة جارية لروحها ولا يريدون أخذ شيء من الإرث، فما حكم الشرع في ذلك، وما هي حصة الزوج في عدم وجود أولاد بينما يوجود أولاد له من زواج سابق؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده مما أعطاه الله غير مبذر ولا مقتر، قال الله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ {الطلاق:7}، وفي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود من حديث حكيم بن معاوية عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حين سأله رجل ما حق المرأة على الزوج: تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت.

وإذا أنفقت الزوجة على نفسها أو على زوجها أو أسقطت عنه شيئاً من حقوقها أو قامت عنه ببعض ما هو واجب عليه متطوعة بذلك، فإنها بذلك تكون قد قامت بصلة وصدقة لها فيها الأجر عند الله إن شاء الله، ولكن أي شيء من ذلك لا يسقط حق الزوج في الإرث، بل هو واحد من جملة الورثة، ونصيبه نصف ما تركت الزوجة، طالما أنها لم تترك ولدا، قال الله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ {النساء:12}، ولا يختلف هذا الحكم بكونه هو له أولاد من غيرها، لأن العبرة إنما هي بأولادها هي، سواء كانوا منه أو من غيره.

وأما بالنسبة لمصاريف مؤن الدفن والتجهيز فالجواب أن أهل العلم اختلفوا فيما إذا كان الزوج هو المطلوب بالكفن ونحوه أم لا، فأوجبه عليه الشافعية وأبو يوسف من الحنفية، ونفاه عنه المالكية والحنابلة ومحمد من الحنفية، قال صاحب التجريد وهو شافعي: ولو امتنع الزوج الموسر من ذلك أو كان غائباً فجهز الزوجة الورثة من مالها أو غيره رجعوا عليه بما ذكر إن فعلوه بإذن حاكم يراه وإلا فلا.

وقال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي: إلا المرأة فإنه لا يجب كفنها على زوجها عند محمد، لأن الزوجية انقطعت بالموت فصار كالأجنبي وعن أبي يوسف يجب عليه كفنها، كما تجب عليه كسوتها في حال حياتها.

وقال الشيخ خليل المالكي: وهو على المنفق بقرابة أو رق لا زوجية.

وفي الموسوعة الفقهية: وعلى الزوج تكفين زوجته عند الحنفية على قول مفتى به، والمالكية في قول والشافعية في الأصح، لأن نفقة الزوجة واجبة على زوجها حياتها فكذلك التكفين، وأما عند المالكية والحنابلة ومحمد من الحنفية، فلا يلزم الزوج كفن امرأته ولا مؤنة تجهيزها، لأن النفقة والكسوة وجبا في حالة الزواج وقد انقطع بالموت فأشبهت الأجنبية. وتراجع الفتوى رقم: 28527.

والذي نرى رجحانه -والله أعلم- هو ما ذهبت إليه الشافعية وأبو يوسف من الحنفية وعليه الفتوى عندهم، وإليه ذهبت لجنة الفتوى في الأزهر وهو القول بوجوب تجهيز الزوجة على زوجها ولو كانت غنية ووجه الترجيح: أن الأصل المستقر في الشريعة: أن سائر من تلزم المسلم نفقتهم وكسوتهم حال حياتهم، تجب عليه مؤنة تجهيزهم بعد مماتهم، وكذلك الزوج تجب عليه نفقة زوجها وكسوتها حال حياتها، فيلزمه تجهيزها بعد مماتها، ومما يؤكد ذلك عموم النصوص الموجبة لنفقة الزوجة وكسوتها على زوجها، كقوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. وقوله تعالى: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. وقوله صلى الله عليه وسلم: للنساء رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وأمثال هذه النصوص فإن ذلك عام يشمل حال الحياة وحال الوفاة.

وإذا كان مرادك بمصاريف المأتم إقامة مأدبات الطعام في العزاء، فإن ذلك من البدع والمحدثات المنكرة، ولا يجب على الزوج ولا على غيره، وانظر الفتوى رقم: 140.

والله أعلم.