عنوان الفتوى : إنفاق الأخت على أمها وأخواتها أجره عند الله عظيم

مدة قراءة السؤال : 5 دقائق

أقسم بالله أني أحبكم في الله حبا كبيرا احتراما لما وهبكم الله من العلم والفقه والأصول. أسأل الله أن يزيدكم من أفضاله الواسعة و ينير دربكم بالمزيد من العلم لتعطونا من المواعظ و الأحكام ما يفيدنا و يخرجنا من ظلمات أنفسنا و يثبتنا و إياكم على المحجة البيضاء -آمين، أخي في الله، أستسمحكم في الإطالة هذه : أنا سيدة متزوجة و أم لطفلة تبلغ من العمر سنة و3 أشهر. توفي والدي قبل زواجي و كنت و لازلت أعمل لكسب لقمة العيش لتأكل أخواتي الثلاث وأخي الصغير و والدتي. عملت بكد و جهد في شركة خاصة و كان راتبي مخصصا كليا لعائلتي هذه، و لم أبخل عليهم بقرش واحد إذ إن مدخولي الشهري كله أعطيه لأمي التي تتصرف فيه دون تدخل مني. ثم تزوجت و كان شرطي الوحيد هو أن أستمر في وظيفتي و أعيل أسرتي و أن لا أنفق و لو قرشا واحدا في بيت الزوجية. و بما أن زوجي يشتغل في مدينة بعيدة عن القرية التي تعيش فيها أسرتي و التي أشتغل فيها (يجب علي أن أقطع مسافة 90 كلم لمدة ساعة كاملة للالتحاق بزوجي ناهيك عن المصاريف )، فإنني استمررت كما في فترة قبل زواجي : أعمل (مكتبي يوجد على بعد أقل من 1 كلم ) و أعيش مع أمي و إخوتي، ثم إنهم هم الذين اقترحوا بل اشترطوا على زوجي أن أستمر في العيش معهم نظرا لما سبق ذكره و لأنهم حسب قولهم لا يطيقون العيش بعيدا عني بدليل أني في مقام الوالد و الأخ الأكبر بالنسبة لهم... استمررنا على هذا الحال ماشاء الله من الزمن، ثم خرجت ابنتي إلى النور و أصبحت ألاحظ مع توالي الأيام أني غير مرغوب في داخل الأسرة، و توالت بيني وبين إخوتي المشادات الكلامية حول موضوع ضرورة رحيلي من البيت - مع أن لي فيه النصيب الأكبر من التشييد و لي الحق في نصيبي من الإرث بعد وفاة والدنا رحمه الله، و رغم هذا كله كنت أصبر دائما و لا أملك غير الدموع أذرفها و الناس نيام و لا أنسى الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم. إلى أن جاء يوم اجتمعت علي أخواتي بدون مبرر ليقلن لي و بالإجماع اخرجي من بيتنا لا نريدك بيننا و إلا رميناك و ابنتك خارجا و بالتحديد في المزبلة كما حاولت إحداهن قتل ابنتي خنقا. منذ تلك اللحظة أصبحت هذه التصرفات تتكرر بصفة تعمدية و عادية كأن عليهن لزاما طعني بالكلام الجارح وعلي أنا الرضوخ لهن أو الرحيل. أنا حائرة فزوجي محدود الدخل و لا يملك بيتا بل هو مضطر لكراء مسكن قريب من مكان عمله، و صابر على بعده عني و عن ابنته التي يحبها بجنون إكراما لأمي و إخوتي الأيتام. لكن باستطاعتي الإنفاق على نفسي و ببدخ لو شئت إلا أنني أخاف على عائلتي التي لا تقدم لي غير الكره و البغض من الجوع و التشرد. عقلي تائه و حياتي ملخبطة لا أعرف ما الذي علي فعله بالتحديد. أنا لحد الساعة صابرة جدا و أقول إن هذا من همزات الشيطان ، و أتذكر باستمرار وصية والدي لي بالاعتناء بهم و عدم التخلي عنهم. أنا لا أريد منهم جزاء و لا شكورا إنما أجري على الله. لكني أريد أن يطمئن قلبي بسماع نصيحتكم التي هي بالتأكيد ستكون مستوحاة من ديننا الحنيف للإشارة فقط : كل أخواتي متدينات جدا و تواظبن على تتبع كل البرامج الدينية. و فوق هذا كله تكرهنني أشد من كرههن لشارون، صدقوني أنا أقصد تماما ما قلته مع أنني أقسم بالله العلي القدير لم أتصرف معهن بما يستحق كل هذا و لست من النوع الشرير بل أتفقد دائما مواضع احتياجهن و أحرص على مأكلهن و مشربهن و لم أقصر يوما في واجبي تجاههن بل لأجلهن أعمل و لأجلهن ابتعدت عن زوجي. و بالمقابل سمعت من إحداهن قذف زوجي بالزاني و قالت عني المتشردة العديمة المأوى. و آخر المستجدات اتفقن على ألا يغسلن الأواني التي تأكل فيها ابنتي، و عند عودتي من العمل أجد المطبخ مليء بأطباقها و قنينة الرضاعة و الملاعق و غيرها استخدموها لتأكل بها ابنتي التي فوضت أمري فيها لله سبحانه، ففي كل مرة أتوقع أن أدخل إلى البيت لأجدها ميتة أو أجدها مرمية بالخارج. اللهم ثبتني على الطريق المستقيم و ألهمني الصبر و الطاعة لك و لوالدتي التي تكاد تموت من المشاكل واهد أخواتي لما يرضيك و نور قلوبهن بالرحمة.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأنت على خير إن شاء الله، ونسأله سبحانه أن يجعل عملك هذا في ميزان حسناتك. ومن باب التذكير وليطمئن قلبك كما أردت وطلبت نقول: إن في إعالتك لأمك وأخواتك فضلا كبيرا وأجرا عظيما، ويمكنك أن تطلعي على بعض ما ورد في فضله وأجره في الفتوى رقم: 54907، ويتضاعف الأجر والثواب إن شاء الله بما ذكرت من أمور منها : 1-أنك برعايتك وإنفاقك على أمك وأخواتك تكونين ساعية على الأرملة وكافلة لليتيم وسبق في الفتوى رقم: 3152، ما في ذلك من الأجر والثواب 2ـ في رعايتك لهم تنفيذ لوصية والدك، وهذا من البر بالوالد بعد موته، ويرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 7893، 3ـ طلبك في كل ذلك الأجر من الله وعدم انتظار الجزاء منهم أو الشكر. 4ـ مقابلتهم ما قدمت لهم وما تقدمين بالجحد ونكران الجميل وصبرك على ذلك. 5ـ عدم مقابلة إساءتهم بالمثل وما فيه من عمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل( الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك. رواه مسلم. ثم نقول لهؤلاء الأخوات فإن الأولى بكن والأحرى أن تعرفن لأختكن حقها وتقدرن لها قدرها، وتضحيتها فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان. وأخيرا نقول للأخت فإن المؤمن كيس فطن، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، فاحرصي على ما ينفعك، وخذي بالأسباب ومنها: البحث عن سبب كرههن لك لا سيما وأنهن متدينات وأنت لم تسيئي إليهن، ونرى أن تجلسي معهن جلسة مصارحة وتسأليهن ماذا ينقمن منك؟ وتذكريهن بما تقدمينه من أجلهن أو توسطي بينك وبينهن أمك أو أحد أقاربك ليحل الخلاف بينكن، ثم لماذا لا يسعى زوجك في بناء مسكن يضمكما بحيث لا يكون لأحد عليكما منة، وتساعدينه في ذلك مع بقائك على رعاية أخواتك وأمك. ونسأل الله عز وجل أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.

والله أعلم.