عنوان الفتوى : إرضاء الأم من آكد الواجبات

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم سؤالي: هو أن لي سنتين أدرس في العام النهائي وأرسب، والسبب هو أنني لا أحب ولم أعد أطيق التخصص الذي أدرس فيه، ورغم أنني في السنة النهائية إلا أن كل محاولاتي للتخرج باءت إلى الآن بالفشل، والمشكلة هو أنه تقدم لخطبتي شاب مشهود له بحسن الخلق وحب الالتزام والدين ولقد صرح لأهلي عند خطبتي أنه لا يريدني أن أدرس أو أن أعمل، وبصراحة لقد أعجبني الشرط ولم أعترض ولكن أمي بدون مشاورتي رفضته وقالت: إن رضي أن أكمل دراستي وأعمل وأقود السيارة فليتفضل، وإلا فهو مرفوض بالرغم من أن كل الأمور التي شرطتها لا تهمني ولا تعني لي الكثير، وعندما لمحت لها بأني موافقة عليه غضبت وقالت كيف تتنازلي عن حقوقك وعندما حاولت أن أجاريها وأخبرتها بأني قادرة على إقناعه وجعله يوافق على إكمال دراستي فيما بعد غضبت ورفضت وقالت كيف تريدينني أن أكسر كلمتي وكلمة أبيك أمام الرجل، وكل حيلي لجعلها توافق باءت بالفشل وإقناعها بأن الرجل الصالح أهم من أي دراسة وعمل لأنه هو من سأكمل معه باقي عمري ولكنها رفضت وقالت إن الشهادة في زمننا أمر مهم لكي تضمني المستقبل وراحت تضرب لي أمثلة على نساء عجز رجالهم عن العمل لسبب ما وكيف تشردوا واضطروا للعمل في البيوت وعملوا في أمور مهينة ليوفروا لقمة العيش وكل هذا لأنه ليس معهم شهادة تكفيهم سؤال الناس والذل، والآن الرجل غادر وخطب فتاة أخرى وهي تضع هذه الشروط لكل شخص يتقدم وتقول إن وافق فأهلا به وإلا فلا.. رغم أنها تعلم أنه لاتهمني هذه الشروط.. في الواقع أمي وأبي يفرضون رغباتهم علي بطريقة دبلوماسية وأنا لا أستطيع الرفض أو الاعتراض لأن هذا سيغضبهم وأنا أخاف من غضبهم، أنا حزينة وأدعو الله أن يفرج علي كلما ضاع شاب متدين .. أردت أن أسأل هل أنا آثمة إن لم أكمل دراستي فأنا لم أعد أرغب في ذلك كليا وأشعر بضغط نفسي غير عادي عندما أفكر في رغبة والداي ولكنها فوق طاقتي، أعلم أنهما يريدان مصلحتي ولكنهما يكلفانني فوق طاقتي ويجعلانني أعيش حياتي حسب مزاجهما هما وحسب أحلامهما لا كما أريد أنا؛ أنا مرهقة وأصبحت أكره نفسي وعجزي، هل هذا ما أمر الله به من بر الوالدين أي أن يفنى عمري فيما لا أطيق، ثم هل حقا إن تركت الدراسة أكون ضيعت مصدر رزق علي، وأن الله سيقول لي يوم القيامة إنه لم يستجب دعائي عندما تعرضت لضائقة مالية وتشردت وأهنت لأحصل على لقمة العيش، إنه لم يستجب دعائي لأنه أعطاني فرصة الحصول على شهادة والعمل الكريم ولكنني أضعتها، هل هذا صحيح؟ حتى وإن كنت أكره هذه الدراسة، إنها تسبب لي ضغطا نفسيا كبيرا، أنا أكرهها .... إن أخي يقول لي إن الله سيبتليني وسيقول لي هذا الكلام يوم القيامة على سبيل المثال وليس على سبيل التأكيد، فهل هذا صحيح؟ لم أعد أرغب في الحديث. أرجوكم وضحوا لي الأمور، وشكرا.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. رواه مسلم.

 وبناء عليه؛ فإنا نوصيك بالدعاء في أوقات الاستجابة والاستعانة بالصلاة، فادعي الله أن ييسر أمرك ويرزقك زوجا صالحا يرتضى دينه وخلقه، وحاولي تبيين الحكم لأبويك في عدم رد الخاطب المرضي الدين والأخلاق، وراجعي الفتوى رقم: 8799 والفتوى رقم: 10426 والفتوى رقم: 32981.

واعلمي أن إرضاء الأم من آكد الواجبات ما لم يكن في إرضائها ما يسخط الله تعالى كما قدمنا في الفتوى رقم: 17754. وعليه؛ فاحرصي على إكمال دراستك وجدي واجتهدي فيها إرضاء لأبويك إن لم يكن في الدراسة محظور شرعي كالاختلاط الذي لا يمكن التحرز منه أو فرض السفور أو ما أشبه ذلك، فإذا وجد مانع شرعي فإن عليك إقناعهم بسبب تركك للدراسة وهو البعد عن الوقوع في الحرام، وحاولي إكمال الدراسة بطريق التعليم عن بعد الذي أصبح موجودا في بعض البلدان عن طريق الانترنت، وراجعي في حكم التعليم بالمدارس المختلطة الفتاوى التالية أرقامها: 5310 و 53912 و 31277 و 50982.

ونوصيك بمجاهدة نفسك في العمل بما يرضي والديك حتى ولو لم تكوني ترتاحين له فإن في إرضائهما رضى الله سبحانه وتعالى، ومن رضي الله عنه وأحبه حقق له جميع طموحاته وأعطاه ما يريد وأمنه مما يخاف.

 واعلمي أنه لا غضاضة على البنت في العيش بمزاج أبويها فإنهما رحيمان بها وإنما يريدان مصلحتها وقد يكونان على علم ببعض ما يخفى عليها من مصالحها، واعلمي أن الرزق بيد الله وقد ضمنه لعباده وكتبه لهم وهم في الأرحام ولم يجعله متعلقا بشهادة ولا وظيفة، فقد قال تعالى: وَمَا مِن دَآبة في الأرض إلا على الله رزقها {هود:6}.

واعلمي أن الله كريم قدير خزائنه ملأى من كل شيء، وهو يجيب دعاء من دعاه ولا سيما في حال الاضطرار وفي أوقات الإجابة وأماكنها، ولا يمنع استجابته بسبب عدم إكمال الدراسة أو عدم العمل، ويمكنك الاطلاع على أسباب إجابة الدعاء عندما تبحثين في فتاوى الموقع عن كلمة: ( استجابة الدعاء ).

ثم إننا ننبه إلى أن المرأة قد كرمها الله تعالى وفرض رعايتها على المجتمع فأوجب على الوالد نفقتها في حال صغرها، فإذا تزوجت وجبت نفقتها على زوجها، فإذا أعطاها الله أولادا أصبحت ملكة عليهم يجب عليهم إرضاؤها وطاعتها وتكريمها، وبالتالي فإن من تزوجت فقد تسببت في التكريم والكفالة إذ يجب على زوجها القيام بذلك ويزداد الأمر إذا أكرمها الله بالأبناء.

ومع هذا؛ فإنه لا مانع من دراستها وعملها ما لم يترتب على ذلك محظور شرعي، وراجعي موضوعي عمل المرأة وتعليم المرأة في البحث الموضوعي بفتاوى الشبكة.

والله أعلم.