عنوان الفتوى : إكمال ما ينتقص العبد من الفريضة بما له من التطوع

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كنت أصلي بانتظام منذ 7 سنوات وحتى البلوغ، وبعد البلوغ للأسف لم أكن منتظماً في الصلاة، والحمد لله تبت الآن، فهل صلاتي قبل البلوغ تقضي ما تركته بعد البلوغ، وإن كان الجواب بلا... فكيف أقضي ما فاتني من الصلاة، وهل أجازى على صلاتي قبل البلوغ أم لا، وهل يجازى أبي عنها هوالآخر؟ وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان ضياع هذه الفوائت بسبب نوم أو إغماء، فالواجب قضاؤها لقول الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي {طه:14}، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نام عن صلاة أو نسيها فليصل إذا ذكرها. متفق عليه.

أما إن كان ضياعها ناشئاً عن التكاسل والتهاون بها فإن من أهل العلم من يقول بكفر فاعل ذلك، فإن تاب لم يلزمه قضاء ما فات، وإنما عليه أن يجدد إيمانه ويكثر من فعل الطاعات، لكن لو قضاها احتياطا فذلك أولى خروجاً من خلاف من يقول بعدم كفره وبوجوب القضاء عليه، أما بالنسبة لكيفية القضاء فراجع فيه الفتوى رقم: 512.

وأما صلاتك قبل البلوغ فإنك تؤجر عليها ويؤجر عليها والدك بإذن الله تعالى، أما قولك (هل صلاتي قبل البلوغ تقضي ما تركته بعد البلوغ)؟ فالجواب: أنها لا تكون قضاء لما تركته بعد البلوغ وذلك لعدة أمور:

منها: أن ما تركته بعد البلوغ قد استقر في ذمتك عند من يقول بوجوب قضائه من أهل العلم، وعلى ذلك فلا تسقط المطالبة به إلا بالإتيان به.

ومنها: أن ما فعلته قبل البلوغ يعتبر نافلة لك، وما تركته بعد البلوغ فرض عليك، والنفل لا يقوم مقام الفرض إلى غير ذلك.

وننبه إلى أن هذا فيما يتعلق بأحكام الدنيا أما في الآخرة فقد يغفر الله تعالى للعبد ويتجاوز عنه أو يكمل ما انتقص من فريضته بتطوعه، ففي سنن أبي داود والترمذي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة؟ ثم يكون سائر عمله على ذلك. 

يقول العظيم آبادي في عون المعبود: قال العراقي في شرح الترمذي: هذا الذي ورد من إكمال ما ينتقص العبد من الفريضة بما له من التطوع يحتمل أن يراد به ما انتقص من السنن والهيئات المشروعة المرغب فيها من الخشوع والأذكار والأدعية، وأنه يحصل له ثواب ذلك في الفريضة وإن لم يفعله في الفريضة وإنما فعله في التطوع، ويحتمل أن يراد ما ترك من الفرائض رأسا فلم يصله فيعوض عنه من التطوع، والله تعالى يقبل من التطوعات الصحيحة عوضا عن الصلاة المفروضة، والله سبحانه له أن يفعل ما شاء فله الفضل والمنُّ؛ بل له أن يسامح وإن لم يصل شيئاً لا فريضة ولا نفلا. 

ويقول المباركفوري في تحفة الأحوذي: وقال ابن العربي: يحتمل أن يكون يكمل له ما نقص من فرض الصلاة وأعدادها بفضل التطوع، ويحتمل ما نقصه من الخشوع، والأول عندي أظهر؛ لقوله: ثم الزكاة كذلك وسائر الأعمال، وليس في الزكاة إلا فرض أو فضل، فكما يكمل فرض الزكاة بفضلها كذلك الصلاة، وفضل الله أوسع ووعده أنفذ وعزمه أعم. انتهى.

والله أعلم.