عنوان الفتوى : بيع المضارب السلعه ديناً.. نظرة شرعية
الصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين أما بعد: كنت في تجارة أنا وأحد الشباب المسلم وفي عام 1995 بالتحديد كنت أنا وهذا الأخ لدينا بضائع قد تم استيرادها من تركيا وفعلاً قد تم بيع هذه البضائع إلى أحد التجار ولكن للأسف تم الاتفاق مع هذا التاجر على أن يتم التسديد بعد شهر من تاريخ البيع وقد حرر لنا صك بالقيمة وكان هذا الصك باسمي أنا السائل وقبل انتهاء المدة المحددة بيننا والتاجر قد علمت أن رجال الأمن يبحثون عني وأني مطلوب لديهم وعلى الفور ذهبت إلى الأخ وأخبرته بأني مطلوب لدى الأمن وقد سلمت له الصك على أساس يتم استلام المبلغ من الطرف الثالث ويأخذ نصيبه والباقي يتم تسليمه إلى زوجتي وتم القبض علي في قضية إسلامية قضيت سبع سنوات في السجن وكنت محروماً من أبسط الحقوق وهي زيارة زوجتي وأطفالي وبعدها بحمد الله تم الإفراج عني بواسطة إحدى الجمعيات الحقوقية في البلاد وبعدها فوجئت بأن الأخ أخذ المبلغ بالكامل ولم يسدد المبلغ الذي كان أمانة لديه وعلى الفور ذهبت إليه وأصبح يماطل، وفي كل أسبوع يقول الآخر وكل شهر يقول الآخر حتى أحيل الموضوع إلى القضاء ولي الآن تقريباً سنتين مفرج عني ولم أتحصل منه إلا على مبلغ بسيط ولا يذكر المشكلة التي أعاني منها وهي أن المبلغ لم يكن ملكي بل هناك شركاء في نصيبي وهم على علم بالشركة بيني وبين الأخ وهناك وثائق على ذلك وأن أحد الشركاء قد استشهد في السجن أسأل الله سبحانه أن يتقبله من الشهداء وأن الحكم النهائي لم يصدر بعد ويأخذ وقتاً طويلاً،
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يكشف كربك وييسر أمرك وأن يرد عليك مالك ومال شركائك، وأما عن جواب مسألتك، فاعلم أن يدك على تلك الأموال التي دفعها إليك أصحابها لتتجر فيها يد أمانة ولا ضمان عليك فيها إلا في حالة التعدي أو التفريط، فإذا حصلت خسارة أو غصب أو سرقة أو مماطلة أو نحو ذلك في رأس المال أو الربح بدون تعد منك أو تفريط لم يلزمك شيء.
جاء في مغني المحتاج: والعامل أمين فيما في يده، فإن تلف المال في يده من غير تفريط لم يضمن لأنه نائب عن رب المال في التصرف فلم يضمن من غير تفريط كالمودع.
واختلف أهل العلم في بيع المضارب السلعة ديناً بدون إذن صاحب رأس المال هل يعد ذلك تفريطاً فيضمن أو لا؟
فذهب الحنفية والحنابلة في رواية إلى أنه يجوز للعامل البيع نسيئة، قال السرخسي: فكذلك ما هو من صنع التجار يملكه المضارب بمطلق العقد ويبيع بالنقد والنسيئة عندنا.
بينما ذهب الشافعية والمالكية إلى عدم جواز بيع المضارب السلعه ديناً إلا بإذن رب المال، قال الباجي من المالكية: وليس للعامل أن يبيع نسيئة إلا بإذن رب المال.
والراجح عدم جواز بيع العامل مال المضاربة ديناً إلا بإذن من صاحب المال صراحة أو بأن تدل على ذلك قرينة، فإذا لم يأذن وباع المضارب بالدين فقد تعدى وعليه الضمان، وبهذا تعلم أنه يلزمك ضمان أموال الشركاء في حالة بيعك البضائع ديناً بدون إذن صريح أو ضمني من قبلهم، وإذا لم يكن عندك ما تسدد الدين به الآن وجب عليهم إنظارك، كما قال الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280}.
وأما إذا كنت بعت تلك البضائع ديناً بإذن منهم فلا ضمان عليك ويلزمهم الانتظار حتى تحكم المحكمة.
والله أعلم.