عنوان الفتوى : حكم العمل في شركة تخلف وعدها مع الزبائن وتقترض بالربا

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

شيخنا الكريم أنقذنا من حيرتنا وقلقنا المستمر الذي طال ووصل الأمر مداه فنحن نعمل في شركة استثمار عقاري وبداية الشركة كالتالي :اشترت الشركة أرضاً كبيرة لتبني عليها مشروعاً سكنياً والأرض قيمتها الفعلية من 15 إلى 20 مليون على الأكثر ولكن صاحبها لم يكن معه من هذا المبلغ مليم واحد وقت شراء الأرض وتكوين الشركة كل ما عمله أن لجأ إلى أحد البنوك الشهيرة واشترى البنك له الأرض أو تقريبا الأرض كانت مملوكة للبنك المهم قال له البنك الأرض الآن ملكك ولك الحق على إقامة مشروعك عليها بما تشاء ولكن عليك أن تعلم أن الأرض أصبحت بمبلغ 40 مليون جنيه عليك أن تسددها بأقساط، وأن هذه الاقساط عليها نسبة زائدة عند تحصيلها .المهم الذي حدث أن صاحب الشركة أخذ الأرض وعمل إعلانات بدون دفع مليم واحد في البداية فمن خلال الاعلان الاعلامى سواء بالجرائد أو التليفزيون ( مؤجل الدفع ) بدأ العملاء والجماهير المسكينة تأتي وترسم أحلامها في شقة العمر بالمشروع المميز وأشياء من هذا القبيل وبدأت تحجز وتتعاقد وتدفع أقساطا وبعضهم أو الغالبية العظمى منهم أو نقول أن 95% منهم منذ خمسة سنوات وحتى الآن دفعوا تقريبا كامل مبالغهم في ثمن الشقق ولم يتبق لبعضهم إلا قسط واحد وهو قسط الاستلام الذي طال انتظاره وقد يتأخر .والوضع الآن أنه حصل فلوس العملاء ولم ينجز إلا 20% أو 25% من أعمال البناء بالمشروع – ( مع العلم أن مدة تسليم المشروع سنتان ونصف ) - بدون مرافق وخدمات يعني حتى الجزء المنفذ لا يستطيع أصحابه من الحاجزين أن يسكنوه لأنه عبارة عن شوية طوب ومباني خرسانية فقط يعني بدون مياه وكهرباء وصرف وغيره إلى آخره .والان صاحب المشروع بعد خمس سنوات لم يسدد أي قسط من أقساط ثمن الأرض إلى البنك مما يورط البنك الذي لا يستطيع أن يسترد المشروع لما به من مشاكل وعملاء هو لا يعرفهم يعني البنك بصريح العبارة لا يمكن أن يسترد الأرض لأنها ليست أرض فضاء الآن كما كانت بل أصبحت أرضا عليها منشآت والمنشآت مشترك فيها عملاء وناس كثيرة .المهم أن صاحب الشركة الآن يطلب من البنك أن يعطيه قرضا كبيرا حتى يخرج من ورطته ويبدأ يبني به مرة أخرى ولكن القرض طبعا بفوائد كما كان أيضا ثمن الأرض بفوائد .فهل هذا كله حلال أم حرام : ماي حدث من تعامل مع البنك وما يحدث من ظلم للعملاء الحاجزين للوحدات حيث إن أغلبهم دفع كل ما عنده ليستلم شقة الأحلام يسكن فيها ويتزوج وبعضهم أخذ فلوسا من أهلهل يساعدوه بها .والآن نحن كموظفين في الشركة هل بمعرفتنا بكل هذه الأمور والسكوت عنها هل حرام أم حلال مع العلم أن بعضنا يخاف على قطع عيشه والبعض الآخر قد تكون له مصلحة في استمرار الوضع على ما هو عليه ليأخذ راتبا. والبعض منا نحن الموظفين وهذا هو المهم والغالب بإذن الله إننا كموظفين نجلس في هذه الشركة حتى نساعد العملاء ونوضح لهم حقوقهم ونكون حلقة الوصل بين العملاء وأصحاب الشركة لأن أصحاب الشركة يختفون ويهربون من مواجهة العملاء فحتى لا يكون العملاء المساكين في حيرة فنحن نجلس حتى نقابلهم ونطمئنهم ولكن بعضنا يعطيهم معلومات غير صادقه ويعشمهم أن المشروع سوف ينتهي بعد شهر أو سنة مثلا مما يعطي الأمل مع علم الموظف الذي يقول هذا أن هذا لن يحدث .فهل وجودنا في هذه الشركة حلال وهل إننا نأخذ فلوسا من ناتج الربا بين تعامل البنك وصاحب الشركة أم أن رواتبنا من دماء العملاء .أفيدونا لأننا حوالي 50 من الموظفين محتارين ونريد أن نأخذ فتوى لديننا ونعرف أين الحق .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأخذ قرض ربوي من البنك لشراء أرض أو لبنائها أو لغير ذلك حرام، كما سبق في الفتوى رقم: 4546 ، والفتوى رقم: 3833 ، والفتوى رقم: 1431، وعلى هذا فما فعله صاحب هذه الشركة لا يجوز، وما فعله من إخلاف وعده للعملاء بالتسليم في وقت معين، أيضا لا يجوز وهو من خصال النفاق، قال صلى الله عليه وسلم: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان. رواه البخاري ومسلم.

ويجب عليكم كموظفين، أن تنصحوا هؤلاء العملاء وتبينوا الحق لهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصحية، قلنا: لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم، ويحرم عليكم أن تغشوهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم.

أما حكم عملكم في هذه الشركة، وحكم الراتب المأخوذ على ذلك العمل، ففي ذلك تفصيل: فإذا كانت القرائن تدل على أن صاحب هذه الشركة لم يقصد الاحتيال على العملاء والبنك، وأكل الأموال بالباطل، وإنما تأخر في البناء وسداد أقساط البنك لأنه أخطأ في تقدير التكاليف، أو لأن مواد البناء قد ارتفعت أسعارها على غير ما يتوقع، وما أشبه هذا، فلا حرج في العمل في هذه الشركة، ما دمتم تعملون في مجال غير محرم، ولا يؤدي عملكم هذا إلى إعانة صاحبه على التعامل بالربا، ولا يؤثر في هذا، كون صاحب الشركة اشترى الأرض بالربا أو أخذ قرضا ربويا، ولا يؤثر في هذا، كون صاحب الشركة اشترى الأرض بالربا أو أخذ قرضا ربويا، لأن القرض بعد قبضه يدخل في ملك المقترض ويصير دينا عليه، وسواء في ذلك القرض الربوي وغيره، إلا أنه في القرض الربوي يأثم لتعامله بالربا، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 9174.

أما إذا كانت القرائن تدل على أن صاحب الشركة قصد من وراء هذه الشركة الاحتيال على البنك والناس، وأكل المال بالباطل، فلا يجوز العمل في هذه الشركة والراتب المأخوذ على ذلك حرام حنيئذ، لأن العمل ـ والحالة هذه ـ من معاونة صاحبها على الاحتيال وأكل الأموال بالباطل، وقد قال تعالى: [ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ](المائدة: 2)

وهذا -كما تقدم- إنما هو في من علم نية الرجل وعمل معه بعد العلم بنيته ومن ظن أن ترك العمل في هذه الحالة سبب لقطع عيشه أو رزقه فهو مخطئ، فإن رزقه بيد خالقه، لا يستطيع أحد أن يعطيه شيئا، أو يمنعه شيئا إلا بإذن الله، قال تعالى: [مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ](فاطر: 2)

وقال تعالى: [وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ](هود: 6)

وقال سبحانه: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ](فاطر:3)

وقال عليه الصلاة والسلام: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته. رواه الطبراني وغيره،

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 49704.

والله اعلم.