عنوان الفتوى : الواجب على الزوج أداء حقوق زوجته المشروطة وغير المشروطة
تقدمت للزواج من فتاة طيبة وأهلها طيبون، فكان شرطها أن تسكن في شقة خاصة (مكتوب في العقد)، فوافقت على شرط أنه بعد سنة تقريباً أنتقل إلى منزل أهلي والسبب أنني على وجه سفر للدراسة خارج المملكة (لم يكتب في العقد) وأيضاً هي تجلس عند أهلها لمدة سنة (لم يكتب في العقد)، وبعد سبعة أشهر تقريباً طلبت منها أن ننتقل من الشقة إلى منزل أهلي وذلك لعدة أسباب: 1- أنني أحتاج مبلغاً من المال حتى أدخل لدورة اللغة الإنجليزية، فعرضت علي مساعدتي بالمبلغ مقابل إبقاء الشقة لكنني رفضت بحجة أنني لا أستطيع أن أتركها لوحدها في الشقة خاصة أن دوامي يبدأ من الساعة 9 صباحاً حتى 4 عصراً، وفي حال دخلت الدورة يزيد دوامي الصباحي إلى دوام صباحي ودوام مسائي من الساعة 5 مساء حتى 9 مساءاً (يومياً)، لهذا السبب رفضت الجلوس في الشقة. 2- أنه قرب موعد السفر وحسب الاتفاق أننا نخرج من الشقة كما الاتفاق، مع أنه لم تتم السنة، الحاصل أن زوجتي كانت حاملاً وولدت وهي الآن في فترة النفاس في اليوم الثاني والثلاثين، وخلال هذه الفترة مرض الوالد بمرض السرطان (كفانا الله وإياكم شره) ونقل إلى المستشفى وأصبح المنزل كئيباً وحزيناً على هذه المصيبة (الحمد لله على كل حال)، فطلبت من زوجتي أن تترك منزل أهلها وتأتي إلى المنزل حتى يغير وجودها ووجود الطفلة جو المنزل الكئيب (وهذا كله إعتقادا مني أنني بهذا التصرف أبر بوالدتي الحزينة)، فجاءت ليوم واحد ثم عادت لمنزل أهلها، ورفضت العودة بشرط أن أوفر لها شقة جديدة، فأمرتها بالعودة للمنزل (أمرا ليس فيه معصية لله) ومع ذلك رفضت، فما العمل يا شيخنا الفاضل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العلاقة الزوجية يجب أن تبنى على المودة والرحمة ولا ينبغي أن ينتقل بها إلى المشاحنة وعدم التسامح والمحاسبة الدقيقة، فالمودة بين الزوجين والتراحم اللذان جعلهما الله بين الأزواج يقتضيان من كل واحد من الزوجين أن يعامل الآخر برفق، وأن لا يبالغ في المطالبة بكل ما له من حق إذا لم يتضرر بالتغاضي عن حقه، كما يقتضيان أيضا من كل منهما الوفاء بكل ما عليه لصاحبه بل والزيادة عليه حرصا على إرضائه.
إذا تقرر هذا فاعلم أخي السائل أن للزوجة على زوجها أن يسكنها في مسكن مستقل مناسب لحالهما تتحصن فيه من الالتجاء إلى الناس وتحفظ فيه عورتها وما لا يجب أن يطلع عليه من شأنها ولو لم يشترط ذلك في العقد.
وعليه فإن من حق زوجتك أن توفر لها مسكنا مستقلا آمنا يناسب حالكما وطلبها لذلك منك لا يعد تجاوزا ولا عصيانا لك، فوجوب طاعة المرأة لزوجها إذا طلب منها ما لا مخالفة فيه لا يعني أنه لو أمرها بأن تسقط حقا لها عليه وجب عليها ذلك، بل إن مماطلته هو ومنعه للمرأة من حقها الواجب لها عليه معصية، لكن ننصح المرأة بالرفق بزوجها ومراعاة ظروفه وأن لا تكلفه ما يجحف به، وخصوصا عند حدوث مثل هذه الظروف التي يعيشها السائل حاليا، نسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يؤلف بين قلوبهم، وفي الآخير ننبه السائل إلى أن الحقوق الواجبة على الشخص بشرط أو بغير شرط يجب عليه الوفاء بها ولو لم تكن مكتوبة موثقة فالتوثيق ليس من تمام الوجوب، وإنما هو للتوفيق وحسم النزاع.
والله أعلم.