عنوان الفتوى : حكمُ من حلف على أشياء بعضها في المستقبل وبعضها في الماضي، ثم حنث
كنت أتكلم عن طريق الإنترنت مع شاب أصغر مني -هداني الله- وكان يحلف أنه يحبني، وأنه سيتزوجني. وكنت أحلف أنني لن أحب غيره، ولن أتزوج غيره. وكنت أحلف تقريباً بشكل يومي على مدار سنة ونصف، ظناً مني أنه صادق طالما أنه يحلف. ولكن والده صادر هاتفه بغرض الدراسة، وإلى الآن لم نتكلم.
بعد مرور 3 سنوات تقريباً، فقدت الأمل، وأحببت غيره، وتكلمت مع كثير غيره خلال هذه الفترة، وكنت أحلف لهم، وأقول لهم إنني لا أكلم الرجال، رغم أنني كنت كاذبة، فقد فعلت ذلك؛ لكي لا يأخذوا فكرة سيئة عني، أو لكي لا أخسرهم. وقد كنت أحلف أنني أحبهم كثيرا، وأنا لم أكن أحبهم إلى ذلك الحد، والأشد مرارة أنني كنت مدركة بأنني أحلف على الكذب -عافاني وإياكم الله- ومع كل هذا، فربما قد أحب أحداً غيره، أو أتزوج بغيره.
فهل يجوز هذا، أم لا؟ لأنني حلفت بالماضي على أمور مستقبلية، وهناك مرة قالت أمي -لا- بصوت منخفض، فقلت لها: والله لم أسمع ما قلت، رغم أنني سمعتها -أي حلفت كذبا أيضا- وكنت أريد أن أسمعها بشكل أقوى، وأتأكد أنها فعلاً قد قالت لا. فماذا أفعل بكل هذا؟
أرجوكم أفيدوني، وإن كانت علي كفارة؛ فأنا لا أعمل، والمال الذي بحوزتي قد يشتري لي القليل من الجبن، وأشياء من هذا القبيل، ولا أعرف إن كان يكفي لإطعام: 10 مساكين؟ أم آخذ من أموال أهلي إن سمحوا لي، وإن كان عليّ الصيام، فكم أصوم؟
وهل سيسامحني الله على كل هذه الأيمان؟ فكلما أفكر في هذه الأمور أشعر بالغصة، والخجل من نفسي، وأن قلبي سينفجر من شدة الذنوب، والمعاصي التي ارتكبتها، والأيمان الكاذبة الكثيرة، رغم أنني قد صليت ركعتي التوبة. فماذا أفعل لأكفِّر عن كل هذا، وأشعر أن الله يحبني، وأن صحيفتي قد عادت بيضاء خالية من الذنوب؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحلف الذي صدر عنك متعلق بأمرين:
الأول: الحلف على شيء في المستقبل، كقولك إنك لن تحبي غيره، وأنك لن تتزوجي بغيره.
والحنث في مثل هذا الحلف تلزم به كفارة يمين، وهناك خلاف بين الفقهاء في تعدد الأيمان هل تلزم بالحنث فيها كفارة واحدة؟ أم تتعدد الكفارة بتعدد الكفارة؟ وسبق بيان ذلك في الفتوى: 468226. وقد نبهنا فيها على أنه يمكن الأخذ بقول الحنابلة بلزوم كفارة واحدة للمشقة.
وخصال الكفارة بيناها في الفتوى: 2053.
الثاني: الحلف على أمور ماضية، فالكذب في هذا الحلف يجعله يمينا غموسا، وهي من كبائر الذنوب تجب التوبة منها، ولا كفارة فيها على الراجح من أقوال الفقهاء، كما بيناه في الفتوى: 33977.
وننبهك إلى خطورة ما أنت فيه من التساهل في أمر العلاقات العاطفية، وهي علاقات آثمة، وسبب من أسباب الفتنة.
فالواجب عليك المبادرة للتوبة، وسلوك سبيل الاستقامة.
ولمزيد من الفائدة راجعي الفتويين: 30003، 4220.
والله أعلم.