عنوان الفتوى : حكم من تزوجت بالكتابة وبغير ولي ولا شهود

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

تزوج أحد الأصدقاء عرفيا بالطريقة التالية: قام بطباعة عقد من على النت به جميع الشروط والحقوق، ولكن لظروف عدم إشهار الزواج في البلد التي يعمل بها، حيث إنه معروف عنه أنه متزوج، وذلك قد يضره في عمله، فقام بكتابة العقد، وكتب أسماء الشهود، وقام بإرسال صورة بطاقة العروس إلى الشهود، وصوتها بالموافقة، وقام بإرسال صور بطاقة الشهود إلى العروس بأرقام تليفونات الشهود إلى العروس لتتصل بهم وتتأكد أنهم شهدوا على هذا الزواج، وتم الزواج، وتم إشهار الزواج لأقرب الناس لهم، فهل هناك ذنب عليه في ذلك، وقام بدفع الصداق وكتابة المؤخر، وإثبات النسب، وجميع حقوق الزوجة، ولظروف العروس فإنه لا يمكن الإشهار إلا في الحدود حتى لا يأخذ طليقها الأولاد منها؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الزواج له شروطه التي يجب أن تتوفر فيه ليكون صحيحا، ومن ذلك صيغة الإيجاب، والقبول، والولي، والشهود، كما سبق بيانه في الفتوى: 7704.

وهذه الطريقة التي تم بها هذا الزواج انتفت منها جملة من هذه الشروط، ومن ذلك:

أولا: الإيجاب والقبول، وأكثر أهل العلم على أن عقد النكاح لا ينعقد بالكتابة، وأنه يجب فيه التلفظ بالصيغة.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية قولهم: استثنى جمهور الفقهاء من صحة التصرفات بالكتابة عقد النكاح، فلا ينعقد بالكتابة عند المالكية، والشافعية، والحنابلة، بل إن المالكية يقولون إن النكاح يفسخ مطلقا - قبل الدخول وبعده - وإن طال، كما لو اختل ركن، كما لو زوجت المرأة نفسها بلا ولي، أو لم تقع الصيغة بقول، بل بكتابة، أو إشارة، أو بقول غير معتبر شرعا، أما الحنفية، فإن النكاح ينعقد عندهم بالكتابة كسائر العقود. اهـ.

والمقصود بالكتابة أن يكتب الولي، أو وكيله: زوجت فلانة، ويكتب الخاطب، أو وكيله: قبلت الزواج من فلانة، وهنا لم يذكر الولي أصلا، بل ذكر أن هذا الرجل قد قام بكتابة بيانات العقد.

ثانيا: الولي: فإذا كانت هذه المرأة قد زوجت نفسها يكون قد انتفى شرط الولي، ولا يصح الزواج بغير ولي في قول جمهور الفقهاء، وهو الذي نفتي به.

ثالثا: الشهادة: والجمهور يشترطون لصحة العقد حضور شاهدين مجلس العقد؛ ليسمعوا الإيجاب والقبول.

قال ابن قدامة - رحمه الله: الفصل الثاني: أن النكاح لا ينعقد إلا بشاهدين، هذا المشهور عن أحمد، وروي ذلك عن عمر، وعلي، وهو قول ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، والحسن، والنخعي، وقتادة، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، وعن أحمد أنه يصح بغير شهود. انتهى.

فعلى هذا لا يصح هذا الزواج، بل يجب فسخه، ويمكن تجديد العقد بإذن الولي ويمكنه توكيل من يتولى ذلك نيابة عنه، ولا بد من حضور شاهدين في مجلس العقد حقيقة أو حكما، وإعلان الزواج ليس شرطا لصحته، فإذا استوفى الزواج شروط الصحة لا يضر كونه لم يعلن، كما هو مبين في الفتوى: 127689.

وننبه إلى أمور:

أولها: أن الزواج شأنه عظيم، فهو متعلق بأمر الفروج، والأصل فيها التحريم، فلا يقدم المسلم عليه إلا عن بينة وعلم بالشرع، وسؤال أهل العلم عما يجهل قبل أن يعمل.

قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته، فيما لا يعلمه من أمر دِينه، ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43} وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه؛ حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.

الثاني: أهمية توثيق العقد في المحكمة حفظا للحقوق.

قال ابن جزي - المالكي - في القوانين الفقهية: المسألة الخامسة: في كتاب الصداق، وليس شرطًا، وإنما يكتب هو وسائر الوثائق، توثيقًا للحقوق، ورفعًا للنزاع. اهـ.

الثالث: لا يجوز إخفاء الزواج لتستديم المرأة حضانة أولادها مع وجود حاضن يطالب بالحضانة؛ فالشرع قد أسقط الحضانة عن المرأة إذا تزوجت بأجنبي عن الطفل، كما في الحديث:... أنت أحق به ما لم تنكحي . رواه أحمد.

والله أعلم.