عنوان الفتوى : تجسست على هاتف زوجها وتشك بخيانته لها وتفكر في طلب الطلاق
أنا متزوجة منذ أربع سنوات، عمري 28 سنة، وعندي ثلاثة أولاد، زوجي يعيش في أوروبا، انتقلت للعيش معه بعد الزواج، وليس لدي أي أهل هنا.
اكتشفت أنه يخونني، وقد وقع في الزنا أكثر من مرة، عرفت ذلك عن طريق هاتفه، ثم واجهته. غضب مني غضبا شديدا؛ لتجسسي على هاتفه، ولكنه اعترف بما قام به، ووعدني أنه لن يتكرر.
خيانته كانت صدمة بالنسبة لي، وأثر الأمر علي، ولكنني قررت مسامحته؛ لأني كنت مخطئة في التجسس على هاتفه. واعتقدت أنه ربما بسبب إهمالي لنفسي قد حدث ذلك؛ لأني رزقت بأولادي الثلاثة في أول 3 سنوات من الزواج.
لم أكن أود الحمل بعد طفلي الأول إلا بعد مرور بعض السنوات، لكن زوجي أراد المزيد من الأطفال بسرعة؛ فوافقته.
ولأني أعيش وحدي كان الأمر مرهقا بالنسبة لي، مما جعلني أهمل نفسي نوعا ما، لكن بعد خيانته قررت الاهتمام بنفسي أكثر، وحاولت جاهدة إرضاءه ولم أعد ألمس هاتفه أبدا؛ لأني وعدت نفسي بعدم التجسس عليه.
منذ شهر أخبرني زوجي أنه يريد السفر، وأنه يحتاج بعض الوقت للراحة؛ لأن حالته النفسية لم تكن مستقرة لأنه يعاني من اختلال الإنية منذ ستة أشهر، وسوف يذهب إلى بلد والده والجلوس هناك لمدة ثلاثة أشهر.
لم أمنعه، ولكنني طلبت منه أن يقسم لي أنه لن يخونني مثل المرة السابقة فأقسم لي.
عندما سافر كان دائما برفقة بعض أصدقاء السوء، كنت أنصحه دائما بالابتعاد عنهم والتقرب إلى الله.
بدأت أشك فيه مرة أخرى، وقررت التجسس على رسائله في أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، هو لا يعلم أنني أعرف الرقم السري له.
فعلت ذلك، وليتني لم أفعل، إذا بي أصدم من الرسائل والصور التي يرسلها لصديقه؛ ليخبره أنه يقوم بالسهر كل يوم سبت، ويحضر البنات للبيت، ويقوم بفاحشة الزنا ويشرب الخمر.
كانت الصدمة كالصاعقة بالنسبة لي. أثر الأمر على نفسيتي كثيرا، أصبحت أبكي طول الوقت، ولم أعد أنام من الليل إلا ثلاث ساعات، كما أن الأمر أثر على تنفسي، فلم أعد أتنفس بطريقة جيدة.
لم أواجه زوجي بخيانته، ولا أعرف ماذا أفعل؟
أفكر في الطلاق، لكن يصعب علي الاهتمام بأطفالي الثلاثة وحدي، وليس لدي أهل في هذه البلد، ونفسيتي مدمرة.
زوجي يعلم أنني من النوع الذي يسامح بسرعة، وأصبر على حقي؛ لذلك فهو لا يهتم أبدا لما أقول.
أشعر بالظلم وليس لي أحد غير الله سبحانه، لا أستطيع تحمل خيانته أكثر، وهو لديه نية لإحضار النساء السبت المقبل حسب رسائله.
انصحوني ماذا أفعل؟ هل أواجهه؟
جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن تعاملي زوجك بما يظهر لك من حاله، وحمل أمره على السلامة حتى يتبين خلافها، وقد جاء الشرع بالنهي عن الظن السيء، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا {الحجرات:12}.
والغالب في التجسس أن يكون الباعث له سوء ظن، ولذلك جاء النهي عنه بعده. وأنت إنما أُتِيتِ من قِبَل هذا التجسس. فلولا أنك وقعت فيه، لكنت في عافية من هذا الغم الذي أنت فيه، فالواجب عليك التوبة وعدم العودة لمثل ذلك.
ومواجهته بما قرأت في الرسالة التي في جواله ربما يزيد الأمر تعقيدا بعلمه أنك تجسست عليه، خاصة وقد يدعي أنه كتب ما كتب على سبيل المزاح، أو ينكر كتابته لها رأسا ويزعم أنها دست عليه إلى غير ذلك مما يمكن أن يتعلل به. فاعملي على محاولة التقرب منه، والتزين له وحسن التبعل بحيث يستغني بك عن غيرك.
وإن كان الحال على ما ذكرت من اعترافه بفعل هذه المنكرات، فابذلي له النصح بالحسنى، وذكريه بالتوبة والإنابة إلى الله سبحانه.
فإن تاب، فالحمد لله، وإلا فلك الحق في طلب الطلاق منه؛ لفسقه، فالفسق من مسوغات طلب الطلاق، كما بينا في الفتوى: 37112.
والطلاق قد لا يكون الأصلح دائما، فوازني بين المصير إليه، وبين الصبر والبقاء في عصمة زوجك، ومواصلة السعي في سبيل إصلاحه.
وأحسني عشرته، واجتهدي في الدعاء له بخير، واعملا معا على تربية النفس على الفضيلة من خلال الجلوس والاستماع لبعض المواعظ، وعقد حلقة لتلاوة القرآن ونحو ذلك مما يزداد به الإيمان؛ فإن القلب إذا استقام صلح السلوك، كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله. وإذا فسدت، فسد الجسد كله. ألا وهي القلب.
وإن أمكنك تسليط بعض الصالحين عليه، فافعلي؛ ليكون لهم تأثير عليه، فعسى الله -عز وجل- أن يسوق إليه الخير على أيديهم.
والله أعلم.