عنوان الفتوى : نصيحة لمن ضاق به الحال من كثرة طلب زوجته الطلاق لمواضيع تافهة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

تزوجت منذ سنة وأربعة أشهر، وزوجتي حامل في شهرها السابع، ولديَّ مشكلة كبيرة معها، وهي حاليًّا في منزل أهلها، وتريد الطلاق لمواضيع تافهة، وقد تعبت من التبرير لها، ومسايرتها، ومن التحمّل أكثر من طاقتي، والأخذ والرد، خاصة أن أهلها مؤيدون لفكرة الحرية الشخصية، والمساواة بين الرجل والمرأة، وهي إحدى مشاكلنا، فهل عليّ إثم في الطلاق؟ فقد تعبت من الانتظار، ومن مسايرتها لأسباب تافهة، وهل من طريقة شرعية دينية لإنهاء أيّ خلاف موجود بيننا، أو نقاش في حال رجوعها؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالطلاق مباح، وخاصة إن دعت إليه حاجة، ويكره لغير حاجة، ومن العلماء من ذهب إلى تحريمه في حالة عدم الحاجة إليه، قال ابن قدامة في المغني في تعداده لهذه الأقسام: الطلاق على خمسة أضرب: واجب، وهو طلاق المولي بعد التربّص، إذا أبى الفيئة، ومكروه، وهو الطلاق من غير حاجة إليه. وقال القاضي: فيه روايتان: إحداهما: أنه محرم؛ لأنه ضرر بنفسه، وزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه؛ فكان حرامًا، كإتلاف المال، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر، ولا ضرار. والثانية: أنه مباح. اهـ.

فلا إثم عليك إن طلّقت زوجتك، ولا سيما عند الحاجة لذلك.

والأولى أن لا تعجل للطلاق؛ حتى تستنفد وسائل الإصلاح، ومن ذلك: تدخّل العقلاء من أهلك وأهل زوجتك، فقد ندب الشرع إلى الإصلاح، فقال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}، وقال أيضًا: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128}.

وإذا تيسّر الإصلاح، والتأم الشمل؛ فهنالك أسس إذا قامت عليها العلاقة الزوجية، كان زواجًا مستقرًّا -بإذن الله تعالى-، ومن أهم هذه الأسس: الاحترام المتبادل بينكما، وأن يعرف كل واحد منكما ما عليه من واجبات تجاه الآخر، وأن يجتهد في القيام بها على أكمل وجه. وسبق أن بيَّنا الحقوق بين الزوجين في الفتوى: 27662.

ومما يعين على الاستقرار أيضًا: استحضار نعمة هذا الجنين، وأنه ينبغي لكما شكر هذه النعمة، وتوفير بيئة صالحة تعين على تربيته تربية حسنة؛ ليكون قرة عين لكما، ومن دعاء المؤمنين: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان:74}، نقل ابن كثير في تفسيره عن الحسن البصري -وسئل عن هذه الآيةـ فقال: أن يُري الله العبد المسلم من زوجته، ومن أخيه، ومن حميمه طاعةً الله، لا واللهِ، ما شيء أقرّ لعين المسلم من أن يرى ولدًا، أو ولدَ ولدٍ، أو أخًا، أو حميمًا مطيعًا لله عز وجل. اهـ.

فنوصيك بالإكثار من هذا الدعاء.

وإذا لم يتيسر الإصلاح، واستحالت العشرة، وترجّحت مصلحة الطلاق؛ فالأولى المصير إليه، ولا تعذّب نفسك بسبب زوجتك، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين؛ فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة، مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة؛ فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
وننبه إلى أمرين:

الأول: أن يكون تدخّل أهل الزوجة على سبيل الإصلاح عند حدوث الخلاف، لا على سبيل الإفساد، وتحريض ابنتهما على زوجها؛ فالتفريق بين الزوجين من فعل السحرة، والشياطين، ولا يفعله المؤمن.

الثاني: الرجوع إلى أهل العلم لتبيين الحق في هذه المسائل المذكورة، والمتعلّقة بالحريات الشخصية، والمساواة بين الرجل والمرأة، وإزالة ما يكون من شبهات بهذا الخصوص.

ويمكن الاستفادة من فتوانا: 138233، وهي عن حدود الحرية في الإسلام، والفتوى 138007، وعنوانها: المساواة بين الرجال والنساء من منظور شرعي.

والله أعلم.