عنوان الفتوى : خروج المرأة إلى منزل أهلها بسبب عدم توفير المسكن المستقلّ
تزوجت منذ سنة ونصف، وكان زوجي مسافرًا في السنة الأولى من زواجي، ولم أذهب إليه إلا بضع مرات، وعدت فورًا، وبعد قرابة السنة عاد للبلد -والحمد لله-، فانتقلت للعيش معه ومع أمّه -كما اتفقنا-، فقد كان الاتفاق أن أسكن مع أمّه لحين عودة أخيه غير المتزوج إلى البلد؛ حتى لا نتركها وحدها.
وعندما عاد أخوه بعد ثلاثة أشهر كان قد ساء وضع زوجي الماديّ، وطلب مني أن أبقى في بيت أهله، علمًا أن غرفة أخيه غير المتزوج تلينا مباشرة، وأيُّ شيء يحدث في أيٍّ من الغرفتين مسموع للطرف الآخر، بالإضافة إلى أن المنافع واحدة يتشاركها كل من في المنزل.
صبرت على هذا الحال إلى أن اشتدّت غيرة زوجي من أخيه، وحارب أمّه وأخاه، بالإضافة إلى أنه في تلك الفترة كان مقصِّرًا في حقوقي، وكان غير مهتم لأمري إلا قليلًا؛ لذلك اضطررت إلى أن أخرج إلى منزل أهلي -وهم خارج البلد-؛ حتى يتحسن حالنا، ولكن زوجي رفض أن يعيش معي هناك، وعدّ قبوله المساعدة مني أو من أهلي إهانةً لرجولته، وفضّل أن أعيش بظلم عند أهله -بعكس اتفاقنا الأساس عند الزواج على أن نعيش في منزل أهلي بضعة أشهر فقط؛ لأن هنالك منزلًا سنحصل عليه في ذلك الوقت-.
رفضت العودة لمنزل أهل زوجي بسبب ظلم زوجي لي، ولأهله، ولانعدام الخصوصية بشكل كامل تقريبًا، ولتقصيره معي في حقوقي، فلم يعد يأتي لزيارتي إلا مرتين، أو ثلاث في الأسبوع، ولا ينام في بيت أهلي إلا قليلًا، ولا يسأل عن احتياجاتي إلا قليلًا، ورفض ترك عمله ليحصل على راتب أفضل حتى نستأجر منزلًا، ونجتمع تحت سقف واحد، علمًا أنني أعمل، وقادرة على مساعدة زوجي ماديًّا بشكل كبير، وتطوّرت الأمور، وكثرت المشاكل.
وعندما وصلت الأمور بيننا لطلب الطلاق، وعدني أن يلتزم بالنوم عندي، وأن لا يتركني إلا نادرًا، ولكنه عاد لذلك الأمر، وتركني أنام وحدي، وفي أيام لا يأتي، ولا يسأل عني، وعن ماذا آكل، أو أشرب إلا كل يومين.
وعندما أحتاجه بسبب مشكلة ما، لا يأتي بحجة عدم وجود مواصلات، ويقضي أيامه حاليًّا في بيت أهله، فهل يحق له فعل ذلك شرعًا؟ وهل يحق له أن يتركني في بلد غير آمن، وأن لا يسأل عن احتياجاتي، ولا يلبي طلبي عندما أحتاجه معنويًّا أو لأمر ما؟ وهل أكون ناشزًا إذا حاربت للحصول على حقّي في وجود زوجي في منزلي؟ علمًا أنه لا يأتي ليأكل معي، ولا ينام إلا عندما يحتاجني.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فبما أن ما أوردت بسؤالك متضمن جملة من الدعاوى على زوجك؛ فالحكم عليها يقتضي السماع من الطرفين؛ ولذلك فالأليق مشافهة أحد العلماء عندكم ليتمكّن من السماع منكما معا، ويستفصل فيما قد يحتاج إلى استفصال، ويتبين فيما يستدعي التبين، ويمكن أيضًا مراجعة المحكمة الشرعية، إن اقتضى الأمر ذلك.
وعلى وجه العموم نقول:
أولًا: من حقّك على زوجك أن يوفر لك مسكنًا مستقلًّا بمرافقه الأساسية؛ كالمدخل، والمخرج، والمطبخ، والحمام، لا يشاركك فيها أحد، سواء كان ذلك المسكن ملكًا له، أم مستعارًا، أم مستأجرًا، كما نص عليه الفقهاء. وراجعي الفتوى: 409993.
ثانيًا: زوجك مطالب شرعًا أن يحسن عشرتك، ويؤدّي إليك حقوقك، ومن ذلك أمر النفقة.
وإذا كان معسرًا؛ فالواجب عليه أن يخرج ليكتسب؛ ليقوم بما يجب عليه من نفقته، ونفقة أهله، وتراجع الفتوى: 96234.
ثالثًا: الأصل أن يبيت الزوج مع زوجته كل ليلة، ما لم يكن عنده عذر يمنعه، وذلك من كمال حسن العشرة، ويرى بعض العلماء أن الواجب عليه من ذلك أن يبيت عندها ليلة من كل أربع ليال، وانظري الفتوى: 98811.
رابعًا: إن خروجك إلى بيت أهلك بسبب عدم توفير زوجك للمسكن المستقل، لا تعتبرين به ناشزًا، وقد ضمنا الفتوى: 136039 مسوّغات خروج المرأة بغير إذن زوجها.
وكذلك الحال في مطالبتك زوجك بأن يؤدّي إليك حقوقك؛ فإنه لا يحصل به النشوز، وتجدين في الفتوى: 161663 تعريف النشوز.
خامسًا: الأكل مع الزوجة نوع من حسن العشرة؛ لذلك يستحب للزوج أن يفعله مع زوجته، ما أمكن، ولا نعلم أحدًا من أهل العلم قال بوجوبه، قال الحجاوي في الإقناع: يستحب الأكل مع الزوجة. اهـ. وسبق الكلام عن المبيت.
سادسًا: ننصح بأن يكون هنالك تفاهم بين الزوجين في إطار الاحترام المتبادل بينهما، والعمل على كل ما من شأنه أن يكون سببًا لاستقرار الأسرة، واجتناب أسباب الشقاق.
ويمكن أن يتدخّل الفضلاء -من الأقارب، وغيرهم- عند الحاجة لذلك.
والله أعلم.