عنوان الفتوى : أحكام زيارة ورؤية المحضون
زوجي طلقني ظلما، وسبني وسب أهلي. ومع ذلك كنت أريد أن أستمر معه من أجل ابني، ولكنه طلقني وهو في الرياض، وأنا في مصر. وأمه وأخواته رددن كل إحسان إساءة لي ولأهلي. وقد وكلت أمري إلى الله.
وبعد الطلاق كان ينفق على ابنه لمدة ثلاثة أشهر، وبعد ذلك طلب أن يذهب ابني إلى بيت أهله، وهو مسافر. فسألت شيخا صديقا لوالدي، فقال لي إن الحكم الشرعي أن يأخذه أبوه فقط، لكن من يريد أن يراه من أهله غيره كجدته أو عماته يأتين إلى بيتي ويرينه.
وفعلا قلنا له إن جدته يمكن أن تأتي في أي وقت وتجلس معه براحتها، خصوصا أن عمره سنتان فقط. فرفض، وقطع نفقة ابنه.
والآن أخت طليقي كلمتني وتريد أن تأخذ الولد ليذهب إلى بيت جدته ليقضي يوما، قلت لها: تأتي هي عندنا، أو إلى مكان عام في النادي أو حديقة أو مطعم وتقابله، أو تأتي إلى البيت ولن ترى أي أحد منا؛ لأن لدينا شقتين، فستقعد في شقة مع حفيدها براحتها. وقلت لها إني سألت شيخا وقالي إن هذا هو الحكم الشرعي. فقالت لي إنه ليس علي حق.
فأنا أريد أن أعلم الحكم الشرعي بالدليل من القرآن والسنة. هل من حق جدته أن تأخذ حفيدها وأبوه مسافر ولا يدفع له نفقة، وحتى إن دفع النفقة هل من حقها أن تأخذه إلى بيتها بالرغم أني تعرضت منها لأذى، وأيضا ابنها الذي هو طليقي ظلمني، ولا يعرف شيئا عن ابنه منذ أكثر من سنة ونصف، ولم يأت من السفر حتى يراه.
وعندما كنت أقول له: ينبغي ألا تطلقني من أجل ابني، كان يقول لي إن ذلك لا يهمه، وأنه رجل فلن يحدث له شيء.
وسبني بألفاظ بذيئة جدا، وبالرغم من أنه لم تقع أي مشاكل بينه وبين إخوتي. لم يتصل على أحد منهم لكي يرى ابنه. وكنت أتصل عليه قبل الطلاق بشهر لكي يرى ابني، ويعرف الولد أن هذا أبوه، فلم يرد وحظرني.
وقد علمت أنه عرف أن ابني مريض قبل الطلاق، ولم يسأل عنه. ومكث فترة طويلة جدا لا يسأل عن الولد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى في مثل هذه المسألة من مسائل المنازعات عرضها على الجهات المختصة بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية في بلدكم، فالقاضي يمكنه أن يستمع لدعاوى أطراف النزاع، ويطلب البينات ونحو ذلك مما تقتضيه الإجراءات القضائية، ويحكم بناء على ما سمع. وحكمه ملزم، ورافع للخلاف في مسائل الاجتهاد.
وما يمكننا قوله هنا على وجه العموم هو أننا لم نطلع على كلام للفقهاء في مسألة إرسال الطفل المحضون إلى جدته لتراه في منزلها، ولكنهم تعرضوا لهذه المسألة في حق الأبوين خاصة، حيث إنهم ينصون على أنّ من له الحضانة من الأبوين ليس له أن يمنع الآخر من رؤية المحضون.
جاء في الفتاوى الهندية: الولد متى كان عند أحد الأبوين، لا يمنع الآخر عن النظر إليه، وعن تعاهده. اهـ.
وفي شرح زروق على من الرسالة: ولا تمنعه من الاختلاف إلى أبيه ومعلمه، ويأوي إلى أمه. رواه ابن حبيب عن عبد الملك... اهـ.
وفي كتاب الأمّ للشافعي -رحمه الله-: وإن اختار أباه، لم يكن لأبيه منعه من أن يأتي أمه، وتأتيه في الأيام. انتهى.
وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى: تنبيه: لا يمنع الرجل من زيارة ابنته إذا كانت عند أمها من غير أن يخلو بها، ولا يطيل المقام؛ لأن الأم صارت بالبينونة أجنبية منه. اهـ.
ومهما أمكن التوافق في مثل هذا، والبعد عن الخلاف، والاستعانة ببعض الفضلاء والصالحين في ذلك، كان أولى؛ فالخلاف شر.
وننبه إلى أن نفقة الولد الصغير الذي لا مال له واجبة على أبيه بكل حال، فليس للأب الامتناع عن الإنفاق عليه بسبب ما بينه وبين أمه من خلاف. قال ابن المنذر: وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم. اهـ.
والله أعلم.