عنوان الفتوى : أهمية حسن العشرة بين الزوجة وأصهارها ودفع الزوج الظلم عنها
أنا متزوجة منذ 6 أشهر، وقد حدثت الخلوة الشرعية بيني وبين زوجي، لكن دون دخول بشكل كامل.
وأهل زوجي "أمه وأخواته" يفتعلن المشاكل دائما في غيابي. وزوجي شخصيته ضعيفة، فهن يتحدثن عني بالسوء في غيابي، ولكنهن دائما يتعاملن معي بالابتسامة في وجهي "يتحدثن عني بالسوء في غيابي فقط" وقد علمت صدفةً أنهن يذكرنني بالسوء، وأنا دائما أتعامل معهن بالإحسان. وزوجي يسمع كلامهن، وعندما يأتي يصرخ علي، ويظلمني ويسمع منهن، مع العلم أنه يدافع عني أمامهن، ويعلم أنني جيدة.
وقد ظلمنني كثيرا، ويقلن عني الآن له بأنني ساحرة، وإنني سحرته، بالإضافة للألفاظ السيئة التي يتحدثن بها عني بها، والشتم الدائم لي ولأهلي. مع العلم أن جميع من يجلس مع أهله يقول عنهم إنهم بلا تربية، وإنهم لا يستحقوني.
ومنذ أسبوعين علمت بأنني حامل، وقد ذهبنا لتبشير اهله، وقد كَّذبني وكذبن زوجي بموضوع حملي، ولم يصدقن؛ لأنهن يعلمن أنه لم يحصل دخول كامل إلى الآن. وأصبحن يتحدثن في مواضيع الخلوة والدخول عني أمام إخوة زوجي، وأبي زوجي. حتى أصبح الجميع يعلم أنه لم يحدث دخول كامل.
وقد قمت بعمل استخارة في ليلة القدر في رمضان، وفي اليوم التالي حدث إجهاض للطفل، مع العلم بعدم وجود أي مشاكل صحية لي أو للطفل وقد كان عمر الطفل 5 أسابيع تقريبا. وقد حدث الإجهاض نتيجة لحالتي النفسية السيئة من كلامهن عني، وبعد قيامي بالاستخارة. وقد أعطيت زوجي فرصة لوضع حد لأهله وتدخلاتهم وإذلالهم لي.
وقد وجد حلا على كرامتي، وأنه يريدني أن أجلس معهن، ولا أتحدث معهن بأي شيء عما فعلنه. وهذا الكلام قد قاله نتيجة لاقتراح أخته لهذا الكلام. وقد كانت هذه آخر فرصة له. وقد طلبت الطلاق أمس بعد أن انهارت أعصابي بشكل كامل وبكيت. وقد قام بتطليقي مرة واحدة حتى أرتاح من العذاب؛ لأنه يشعر أنني أتعذب بسببهن. وزوجي يكفر بشكل كبير، ولا يصلي ولا يصوم، ودائما أنصحه ورغم ذلك لا يستجيب أبدا.
هل أنا مخطئة بتصرفي هذا وبطلاقي؟ مع العلم أنني حائض الآن نتيجة للإجهاض؟ وكم هي عدة الطلاق؟ أنا لا أنوي الرجوع؛ لأنه منعدم الشخصية، ودائما يعدني ويعد أهلي أنه سيضع حلا، ولكنه يأتي ويصرخ علي، ويضع الحلول على حساب كرامتي.
وهل بإجهاضي للطفل قد انقضت العدة، مع العلم أنه طلقني أمس، والإجهاض قد حدث منذ 5 أيام تقريبا؟
أرجو موافاتي بالجواب، ولكم جزيل الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتبين لنا على وجه التحديد التصرف الذي تسألين عن حكمه.
فإن كان مقصودك بذلك كونك طلبت منه أن يضع حدا لتصرفات أهلك معك، فمن حقك عليه أن يدفع عنك أذى أهله وظلمهم لك إن صدر منهم شيء من ذلك. روى البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما. وإذا كانت نصرة المظلوم مطلوبة في حق عامة المسلمين، ففي حق الزوجة أولى.
وأما بالنسبة للطلاق: فإن المرأة إذا كانت متضررة من البقاء مع زوجها، فلها أن تطلب الطلاق، كما بينه أهل العلم، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 37112.
ومن أخطر ما ذكرت عن زوجك أنه يكفر، ولا يصلي ولا يصوم، فإن صدر عنه ما يقتضي الردة حقيقة، ولم يتب إلى الله -سبحانه- بعد نصحه، فمثله يحرم على زوجته البقاء في عصمته ويجب عليها فراقه.
وللمزيد فيما يتعلق بحكم زوجة المرتد، انظري الفتوى: 278665، وراجعي أيضا الفتوى: 129105، ففيها بيان تعريف الردة وموجباتها.
وكذلك ترك الصلاة والفطر في رمضان لغير عذر، فكلاهما أمر خطير، ومن مسوغات طلب المرأة الطلاق، بل ويستحب لها معه فراق زوجها.
قال البهوتي -الحنبلي- في كشاف القناع: وإذا ترك الزوج حقًّا لله -تعالى-، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحبّ لها أن تختلع منه؛ لتركه حقوق الله تعالى. اهـ.
هذا مع العلم بأن من العلماء من ذهب إلى كفر تارك الصلاة تهاونا، والجمهور لا يرون كفره وخروجه من الملة، ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتوى: 1145. وتراجع أيضا الفتوى: 115593، وهي عن حكم من أفطر في رمضان لغير عذر.
وننبه إلى أهمية حسن العشرة بين الزوجة وأصهارها، وأنها ينبغي أن تكون على أحسن حال من المودة والألفة، وأن يكون كل من الطرفين على حذر من ظلم الآخر وإيذائه، فالشيطان قد يستغل مثل هذا في إلقاء العداوة والبغضاء بينهم، وقد قال تعالى: وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {الأنفال:46}. وفي الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين؛ فإن فساد ذات البين هي الحالقة. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين.
وننبه إلى أنه إذا تحققت الخلوة الصحيحة ترتبت عليها آثارها، ومن ذلك إذا وجد حمل فإنه ينسب إلى الزوج، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 347287، فراجعيها؛ ففيها مزيد فائدة، وبخصوص الإجهاض، راجعي الفتوى: 2016.
والله أعلم.