عنوان الفتوى : أحكام الوصية للوارث
أنا مطلقة، وقد توفي والدي. وقبل أن يتوفى أوصى إخوتي بأن تكون شقته لي، حماية من الزمن، ومن غدر طليقي.
ولكن عندما جاء أول عرض لشراء الشقة، تجاهلوا الوصية، واعتبروا أنها كانت فقط للشقة، وليس لثمنها بعد أن باعوا الشقة.
أليس شرعا يجب شراء شقة لي أولا، ثم يتم توزيع الميراث بعد ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصية والدك -رحمه الله تعالى- بأن تكون الشقة لك بعد مماته. هذه وصيةٌ لوارث، والوصية للوارث ممنوعة شرعا، ولا تمضي إلا برضا الورثة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ؛ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ إِلَّا النَّسَائِي، وَحَسَّنَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَوَّاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْجَارُودِ. قاله الحافظ في بلوغ المرام.
جاء في شرح المنتهى، عن الوصية للوارث: وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا لِلْوَارِثِ بِشَيْءٍ؛ فَلِحَدِيثِ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» ... وَتَصِحُّ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ الْمُحَرَّمَةُ (وَتَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "«لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ»" وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: "«لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ، إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ»" رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيُّ. وَلِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ. فَإِذَا رَضُوا بِإِسْقَاطِهِ نَفَذَ. اهــ.
وعليه؛ فإذا رفض الورثة إمضاء وصية والدك، فإن الشقة تكون لكل الورثة، وليس لك منها إلا نصيبك الشرعي في الميراث. وإذا بِيعَتْ قُسِمَ ثمنها بين الورثة القسمة الشرعية للميراث.
وأما إذا أجاز الورثة الوصية بعد وفاته، فإن الشقة تكون لك، وتصير الوصية لازمة، ليس لهم الرجوع فيها.
جاء في الروض المربع: وإذا أجاز الورثةُ ما زاد على الثُّلثِ، أو لوارثٍ؛ فَــإنِّها تَصِحُّ تَنْفِيذاً؛ لأنَّها إمضاءٌ لقولِ المورِّثِ بلفظِ: أَجزْتُ، أو أمضَيْتُ، أو نفَّذْتُ، ولا تُعتبَرُ لها أحكامُ الهبةِ. اهــ.
وليس لهم الحق حينئذ في بيعها بدون إذنك. وإذا باعوها بدون إذنك وأمضيت أنت البيع، فإن ثمنها يكون لك، وليس لهم حق فيه بزعم أن الوصية كانت بالشقة وليس بثمنها.
وعند الاختلاف لا بد من رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية -إن كانت- أو مشافهة من يصلح للقضاء من أهل العلم.
والله أعلم.