عنوان الفتوى : خطبة المرأة لمن عمل معها علاقة وتهديده لها بالفضيحة
السؤال
لا أدري لماذا يحدث لي كل هذا؟ أنا كنت متفوقة جدًّا جدًّا، وذكية في الدراسة، لكني كنت غبية مع الحياة، فقد كنت الأولى دائمًا حتى الثاني الثانوي، وكنت حافظة إلى سورة التوبة، وفي الثالث الإعدادي تعرفت إلى مدرس صغير في المدرسة، وأحببته وأحبّني، وكنت صغيرة، وظل يطلب مني أن أذهب إليه البيت، وكنت ساذجة، فكنت أذهب وأقول: هذا أستاذ، وكان كل مرة يقترب مني، وأقاومه، ويظل يقول لي: تعالي، أتمنى أراك، ولن أقترب منك، ويقترب.
ومرة قال لي: أنا سأعمل معك علاقة كاملة؛ حتى أضمن أن تبقي معي، ولا تتخلي عني لو رفضني أهلك، وتظلي متمسكة بي، وظللت أرفض كثيرًا، ولكني وافقت، وعندما عمل لم ينزل دم، ولم يلمسني أحد غيره، وقال لي: أنا واثق فيك الآن.
وفي الثانوية العامة لم أحصل على درجات عالية، والناس كلها صُدمت، وصُدِم أهلي، وخسرت شرفي، وخسرت مستقبلي، وبعدها ابتعدت عن أصحابي؛ لأنهم دخلوا كليات عالية، وتقدّم لي، وعرف أهلي أني كنت أحبه؛ ولذلك ضحيت بمستقبلي من أجله، وتمت الخِطبة، وبعد الخِطبة أصبح شخصًا آخر، فأصبح يكرهني، ويشتمني بأسوأ الشتائم، ويقول لي: أنت خدعتِني، ويذلّني بأنه سيحكي لأبي ما حدث بيننا، وأنا لا أريده أن يخبر أبي؛ حتى لا أخسر أبي، ويظل يشتمني بأهلي؛ حتى جعلني أكره نفسي، ويغصبني على عمل العلاقة، أو يثور ويغضب.
آخر مرة نزّل تلميحات سيئة على الفيس عني؛ لأني لم أردّ على اتصاله، ويظل يقول لي: أنا نفسيتي مدمرة؛ لأني عرفت واحدة سيئة مثلك، وأنا -والله- كنت جيدة، وكل الناس تشهد على أدبي وأخلاقي، لكنه الذي حوّلني هكذا، وأنا لا أعرف ماذا أعمل معه.
أتمنى أن يموت، وأتمنى أن أتوب، ولكنه عائق أمامي، وغير قادرة على التوبة بسبب تهديداته، وحياتي أصبحت مدمّرة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك المبادرة بالرجوع إلى الله تعالى، والتوبة النصوح مما وقعت فيه من الفاحشة؛ والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب على الفور، والندم على فعله، والعزم الصادق على عدم العود إليه.
فأول الطريق أن تبتعدي عن هذا الخاطب بالكلية، ولا تجاريه في مطالبه الخبيثة، ولا تلتفتي لتهديداته الدنيئة، وامضي في طريق التوبة، ولا يثنيك عنها وسوسة شيطان، أو خوف إنسان كائنًا من كان، فلا يحول بينك وبين التوبة شيء، ما دامت روحك في بدنك؛ فباب التوبة مفتوح للعبد، ما لم يغرغر؛ حتى تطلع الشمس من مغربها.
واحذري من تخذيل الشيطان لك، وإيحائه لك بالضعف والعجز عن التوبة.
واحذري أيضًا من التسويف؛ حتى لا تندمي بعد فوات الأوان.
ثمّ بيني للخاطب أنّ عليه أن يتوب إلى الله تعالى مما وقع فيه من الفاحشة والحرام؛ فإن تاب إلى الله تعالى، فلا حرج عليك في الزواج منه بعد استبراء رحمك.
وأمّا إذا لم يتب؛ فافسخي الخِطبة، وأعرضي عنه، ولا تلتفتي إلى تهديده
واستري على نفسك، ولا تخبري أحدًا بما وقعت فيه من الفاحشة.
ويجوز لك الكذب؛ للستر على نفسك، فقد جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب عند ذكر الأمور التي يرخص فيها في الكذب: فَهَذَا مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا فِي مَعْنَاهُ؛ كَكَذِبِهِ لِسَتْرِ مَالِ غَيْرِهِ عَنْ ظَالِمٍ، وَإِنْكَارِهِ الْمَعْصِيَةَ لِلسَّتْرِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِ، مَا لَمْ يُجَاهِرْ الْغَيْرُ بِهَا، بَلْ يَلْزَمُهُ السَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِلَّا كَانَ مُجَاهِرًا. انتهى.
واعلمي أنّك إن صدقت في التوبة، فسوف تجدين العون من الله، والستر، والتوفيق للخير؛ فالتائب قريب من الله تعالى، محفوظ بحفظه.
والله أعلم.