عنوان الفتوى : كيفية نصح الوالد

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السؤال

محبط، وأحس بالذنب تجاه أبي، وأبكي صباح مساء؛ لما آلت إليه أحوالنا. فأنا شاب، متزوج، عمري 34 سنة، أسكن مع والدي بالطابق العلوي، ونشترك في الأكل. قبل يومين اجتمعنا للغداء -أنا، وزوجتي، وابنتي، وأخي البالغ، ووالدي- فأخذ أبي يعاتبنا لأننا نمنا لغاية العاشرة صباحا، وقد فسرت مرارا لأمي أن هذا شيء خصوصي. لكن أبي كان يعاتب زوجتي على التأخر في الاستيقاظ، وكنت لا أريد التدخل رغم حقي في ذلك، حتى ختم والدي كلامه بـ: هذا من قلة التربية. آنذاك أجبته: أرجوك يا أبي لا تتناقشوا في هذا الموضوع ثانية، فغضب غضبا شديدا، ودعا عليَّ بعدم التوفيق، ثم بكى كثيرا، وهذا ما عذبني، وجرحني، ثم حلف أنه لن يبقى في هذا البيت بعد اليوم. صدمت من ردة فعله، فأنا إلى الآن لم أستوعب هل أستحق كل هذا؟ اعتذرت منه كثيرا، قبلت رأسه، وجبينه، ويديه، ورجليه كذلك، ومسحت عنه دموعه، ترجَّيته أن يسامحني، بمساعدة أمي في الأخير قال: سامحتك. ولكن في الصباح حزم أمتعته، وغادر إلى قريته -مسقط رأسه-، فتركنا، وأوضاعنا النفسية سيئة، والله المستعان.
والله إخوتي كلهم تدخلوا، ولا يريد أن يرجع، أو يتراجع عن كلامه.
أرجوكم دلوني على الصواب. هل عصيت ربي ووالدي؟ هل أنا عاق؟ هل تدخلي كان خاطئا؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا شك في أهمية مقام الوالدين، وعظم حقهما، وأن الله سبحانه أعلى من شأنهما، وقرن حقهما بحقه الجليل.

قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا.... الآية {الإسراء:23}.

وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أبوك».

والغالب في الوالدين الحرص على مصلحة الأولاد، ولعل هذا منطلق أبيك في هذا التوجيه الذي صدر منه في أمر النوم حتى العاشرة صباحًا.

 وكان الأولى أن تجتنب التدخل في هذا الموضوع أمام الجالسين معكم، وإذا أردت أن توجه كلاما لأبيك، فليكن ذلك في خلوتك به مع رفق ولين، ينبغي أن تختار من الألفاظ ما يمكن أن يطيب به خاطره.

والذي يظهر لنا -والله أعلم- أن هذه الصيغة التي صدرت منك ليس فيها شيء من العقوق، إن لم يصحبها سوء أدب، أو رفع صوت، أو حدة في الخطاب، أو تضجر ولو بمجرد عبوس الوجه؛ فهذه الأمور مشمولة بما نهى الله عنه حال مخاطبة الوالدين، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء:23}،

وعلى كل تقدير، فإن ما قمت به من اعتذار لأبيك، وتقبيل رأسه، وجبينه، ويديه، ورجليه، ومسح دموعه أمر طيب، وينبغي أن تجتهد في سبيل كسب رضاه عنك بالإكثار من الدعاء والاستعانة بالأخيار والفضلاء.

  وننبه إلى أن النوم بعد صلاة الفجر -وإن كان لا يحرم- إلا أن الأفضل تركه، إن لم تدع إليه حاجة.

ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتوى: 153487.

 والله أعلم.