عنوان الفتوى : على المرأة الموازنة بين إيجابيات وسلبيات زوجها وعدم تعجّل الفراق
السؤال
عمري 23 سنة، ولديَّ ثلاثة أطفال، وحامل، بالأمس ذهبت لإحضار أطفالي من الروضة، وعندما عدت ضغطت الجرس مرارًا، لكن زوجي لم يفتح، وطال انتظاري وهو في الداخل أمام حاسوبه، وأنا حامل، والانتظار سبب لي ألمًا شديدًا، وعندما فتح الباب عاتبته، وقلت له بانفعال شديد: احلف لي أنك لم تسمعني، فضربني زوجي بقوة على رأسي؛ حتى أحسست بالإغماء، ووقعت على الأرض، بعدها قلت له: خذ أغراضك، واخرج من البيت، فلستُ زوجتك بعد اليوم، فهددني بالضرب مرة أخرى، ورمى عليَّ الكرسي، وأبى ترك المنزل، وقال لي: اذهبي أنت.
في النهاية قلت له: أنا خلعت نفسي منك، ولن أترك أطفالي، وأنا لست زوجتك إلى أن تغادر البيت، مع العلم أن البيت مستأجر، وأنا مصرّة على الانفصال، ولا أريد أن أكون زوجة له مرة أخرى، فلم أعد أطيقه، وحياتنا افتقدت معنى المودة، والرحمة.
أعلم أن أخطائي كثيرة، لكني لم أعد أريده، فهو يهملني، ولا يواسيني رغم تعبي وشقائي الشديدين، فأنا أقوم بواجبات البيت، وأعتني بأطفالي، ولا أحد يعينني، وأفعل ذلك بجسم هزيل وألم، لكني دائمًا أحاول إسعاده هو وأطفالي، وهو لا يهتم بي، ولا يوفر لي العفّة، والأمان الداخلي، وأنا شديدة الغيرة، وهو لا يسعى لأن يمنحني الثقة به، بل يتحداني.
أريد الطلاق لأن علاقتنا -حسب ما أرى- ستزداد سوءًا مع السنوات، وهذا يعود بي إلى الخلف، فأنا أمّ، ومهمّتي عظيمة، وهي تربية أبنائي في مجتمع فاسد كمجتمعنا.
بسبب علاقتي به أجد نفسي متوترة دائمًا، ومرضت باكتئاب حاد كاد أن يفتك بي، وروحي كادت تحترق بسببه، وهو لا يحاول أن يفهمني أبدًا، وأرى أن حياتي دونه أفضل -والله أعلم-.
أنا أقول في داخلي دائمًا: لو أن الله يرزقني بيتًا يسترني، فسأتركه فورًا، ولا أريد أن أكمل عمري هكذا ذابلة مهملة، وأمي متوفاة، والبقية كلهم بعيدون، ويهملونني، وليس لي غير الله، ومتاعبي كثيرة، والله وحده المستعان.
كي أكون عادلة، فهو لا يضربني دائمًا، بل حصل ذلك مرات قليلة، وهو ينفق عليَّ وعلى أطفالي، ولا يقصّر، لكنه يهملني، فلا أجد نفسي سوى معينة منزلية، تطبخ، وتنظف، وتعتني بالأطفال، أما عاطفيًّا، فليس حبيبًا لي، وهذا يعذبني، وإذا أراد حقه أخذه، ويعود لإهمالي، صدقوني أرى بريق عيني انطفأ، وأنا مصرّة على الخلع، ولا أريد غير ذلك، وآمل من الله أن لا أكون ممن تطلب الطلاق من غير ما بأس، أو أن ألعن بهجري له، إلى أن يحصل الطلاق. أفتوني -جزاكم الله خيرًا-.
دعواتكم لابنتكم؛ فأنا ضعيفة، قليلة العلم، والجهد، ومهمتي عظيمة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويفرج همّك، وينفّس كربك، ويصلح ما بينك وبين زوجك.
ونوصيك بالإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى أن يصلح الحال، فهو القائل سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، وراجعي آداب الدعاء في الفتوى: 119608.
وقد ذكرت عن زوجك بعض الصفات الطيبة من عدم التقصير في النفقة عليك، وعلى أولاده، وأن ضربه لك ليس عادة له، وأنه حدث في مرات قليلة، وهذه الصفات الإيجابية ينبغي أن تبني عليها، وتجعليها مدخلًا للثناء عليه بسببها، وسوقيه من خلالها إلى تحقيق مبتغاك منه، وحكمتك هي الأساس في ذلك.
وأما الطلاق أو الخلع؛ فمن حقّك طلب ذلك، إن كنت متضررة من زوجك، وراجعي الفتوى: 37112، والفتوى: 80444.
ومن السهل أن تلجأ المرأة لذلك، وتجده، ولكن يصعب عليها أن تتحمل عواقبه، وخاصة من كان في مثل حالك قد رزقت الولد من زوجك، ولا تجدين من يمكن أن يعينك لو فارقت زوجك، كما ذكرت.
فمن هنا نوصيك بالصبر، والعمل على التفاهم مع زوجك، وتذكيره بحاجتك كأنثى إلى الإشباع العاطفي، وذكّريه بالهدي النبوي في تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع نسائه، وسبق بيان شيء من ذلك في الفتوى: 134877.
وإن رجوت مصلحة في تسليط بعض الفضلاء عليه لمناصحته، فافعلي.
ومن جهتك أنت، فاحذري كل تصرف يمكن أن يستفزّ زوجك، ويستثيره، مع كثرة الدعاء له بخير، كما بينا سابقًا.
والله أعلم.