عنوان الفتوى : طلب التبرع من المتابعين للنفع الشخصي، وحكم المدح والإهداء بين الجنسين

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السؤال

سؤالي عن حكم الربح من خلال تطبيق (بيجو لايف)، وهو تطبيق للبث المباشر، ومعظم ما يبث فيه مخالف للشرع الحنيف، لكن سؤالي عن رجل يبث فيه الخير، والعلم النافع، والدعوة إلى الله تعالى، والنصح للمسلمين، ويعلمهم القرآن، أو يقوم ببث الرقية الشرعية، وما شابه ذلك، فهل يقبل المال الذي يحصل عليه من خلال ذلك التطبيق؟ ويتعلق بهذا أيضًا أن يقدم محتوى دعويًّا هادفًا على (اليوتيوب)، ولاعتقاده حرمة المال المكتسب عن طريق إعلانات اليوتيوب، فإنه يغلق هذا الباب، ولكنه يفتح باب التبرع عبر حساب (باتريون) لمن أراد، فهل يحل له ذلك المال، وأن ينفق منه على نفسه وأهله؟
وأود أن أضيف شيئًا يتعلق بالسؤال الأول عن الربح من خلال تطبيق (بيجو لايف) وهو: أن المشرف قد يأخذ نسبة معينة عن كل فرد جديد يدخله في المجموعة، فهل هذا يدخل في ما يعرف بالتسويق الشبكي؟ وهل يؤثر في حكم العمل من خلال هذا التطبيق والربح منه، إذا كان المحتوى نفسه المقدم من خلاله، منضبطًا بالضوابط الشرعية؟ وهل يختلف الحكم إذا كان (الدعم) أو الهدايا مقدمة من امرأة لرجل، إذا كان ما يقدمه غير مخالف للشرع؟ وما حكم المدح والثناء بين الرجال والنساء عمومًا؟
بارك الله فيكم، ورفع درجاتكم، وتقبل منا ومنكم، ونفع الله بكم البلاد والعباد، وجمعنا في الفردوس الأعلى من الجنة.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا مانع من نشر المواد النافعة على المواقع والتطبيقات التي يتاح فيها نشر الحسن والقبيح، والطيب والخبيث.

وأما التربح من تلك المواقع: فإن كان التربح عن طريق إعلانات محرمة، اختيارية، يستطيع صاحب القناة التحكم فيها: فإن الربح حينئذ غير جائز، وإلا فهو مباح من حيث الأصل، وانظر تفصيل هذا في الفتوى: 425926.

وأما قولك: (قد يأخذ المشرف نسبة معينة عن كل فرد جديد يدخله في المجموعة، فهل هذا يدخل في ما يعرف بالتسويق الشبكي؟ وهل يؤثر في حكم العمل من خلال هذا التطبيق والربح منه).

فما ذكرته ليس كافيًا في تصور عمل التطبيق، ومجرد إعطاء المشرف عمولة عن كل عضو يدخله في المجموعة، لا يستلزم الحكم عليه بأنه من التسويق الشبكي المحرم، وراجع الفتاوى: 297097، 350959، 328468، 335302.

 وأما قولك: (ولكنه يفتح باب التبرع عبر حساب (باتريون) لمن أراد؛ فهل يحل له ذلك المال، وأن ينفق منه على نفسه وأهله؟)

فإن طلب التبرع من المتابعين للنفع الشخصي داخل في المسألة المحرمة شرعًا، التي لا تحلّ إلا لذي حاجة، كما سبق في الفتوى: 407365.

فما أخذه بالطلب لنفسه وهو غير محتاج، فهو حرام لا يحل له، جاء في الفروع لابن مفلح: وقد دلت رواية الأثرم، وكلام أبي الحسين وغيرهما أنه يحرم -المال المأخوذ- بالمسألة، لتحريم سببه، وهو السؤال؛ وفاقًا للشافعية، وغيرهم، ولهم وجه ضعيف: لا يحرمان.

قال في شرح مسلم: بشرط أن لا يذلّ، ولا يلح، ولا يؤذي المسؤول، وإلا حرم اتفاقًا. اهـ.

وأما قولك: (وهل يختلف الحكم إذا كان (الدعم) أو الهدايا مقدمة من امرأة لرجل، إذا كان ما يقدمه غير مخالف للشرع؟) فإن إهداء المرأة للرجل الأجنبي عنها وعكسه، مباح من حيث الأصل، ما دام لم يُقصد بالهدية غرض محرم، كما سبق في الفتوى: 29146.

وأما بشأن سؤالك: (وما حكم المدح والثناء بين الرجال والنساء عمومًا؟)، فإن الأصل في المدح أنه جائز، إن كان بحق، ولم تُخشَ منه فتنة على الممدوح، قال النووي في الأذكار: اعلم أن مدح الإنسان والثناء عليه بجميل صفاته، قد يكون في حضور الممدوح، وقد يكون بغير حضوره:

 فأما الذي في غير حضوره: فلا منع منه، إلا أن يجازف المادح، ويدخل في الكذب، فيحرم عليه بسبب الكذب؛ لا لكونه مدحًا.

ويستحب هذا المدح الذي لا كذب فيه، إذا ترتب عليه مصلحة، ولم يجر إلى مفسدة بأن يبلغ الممدوح، فيفتتن به، أو غير ذلك.

وأما المدح في وجه الممدوح: فقد جاءت فيه أحاديث تقتضي إباحته، أو استحبابه، وأحاديثه تقتضي المنع منه.

قال العلماء: وطريق الجمع بين الأحاديث أن يقال: إن كان الممدوح عنده كمال إيمان، وحسن يقين، ورياضة نفس، ومعرفة تامة، بحيث لا يفتتن، ولا يغتر بذلك، ولا تلعب به نفسه، فليس بحرام ولا مكروه، وإن خيف عليه شيء من هذه الأمور، كره مدحه كراهة شديدة. اهـ.

فمدح الرجل للمرأة الأجنبية عنه وعكسه، إن لم تُخش منه فتنة؛ فلا حرج فيه، كأن يكون الثناء في الغيبة، أو نحو ذلك.

وأما إن كان المدح قد يجر إلى فتنة بين الجنسين، كالمدح المبالغ فيه، أو عبر الرسائل الخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، فمثل هذا يجب البعد عنه؛ سدًّا لذريعة الفتنة.

والله أعلم.