عنوان الفتوى : الغضب ليس عذرًا في الإساءة إلى الوالدة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السؤال

عمري 23 سنة، ولديّ مجموعة أسئلة، أرجو منكم أن تنصحوني فيها:
1- أنا يتيم الأب، وأمّي مطلقة منذ أن كان عمري 5 سنين، وعشت مع أبي حتى توفي في سن 53 -رحمه الله تعالى-، وطيلة حياته زرت أمّي مرات عديدة، وهي لم تتزوج، وحياتها صعبة جدًّا، وبعد وفاته قرّرت العيش مع زوجته؛ لحبّها لي، وإحسانها تجاهي، وعدم تفريطها فيّ، ولكني لم أقطع علاقتي بأمّي، ومع ذلك أحس بغرابة في تعاملها معي، وأحيانًا أنزعج من ذلك، وربما أغضب وأتفوّه بما أندم عليه، وأدرك وقوعي في العقوق، فهلا نصحتموني -جزاكم الله خيرًا- كيف أوفّق في حسن المعاملة بين زوجة أبي وأمّي؛ فإني أخشى دائمًا عاقبة سوء خلقي، وجهلي في هذه المسألة؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله أن يوفقك، وأن يستعملك في طاعته.

واعلم أن القيام بحق الوالدة من أعظم الواجبات، وعقوقها من أعظم المحرمات، فقد قرن الله تعالى حق الوالدين بحقه سبحانه في غير ما آية من كتابه، فقال تعالى: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الأنعام:151}، وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء:23}، وأمر سبحانه بصحبتهما بالمعروف، وإن كانا مشركين يجاهدان ابنهما على الشرك، فقال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.

وعقوق الوالدين من أكبر الكبائر، قال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى، يا رسول الله، قال: "ثلاثًا: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ... الحديث. أخرجه البخاري، ومسلم.

واحذر دعاء والدتك عليك، إن أسأت إليها؛ فإن دعاء الوالدة على ولدها مستجاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات مستجابات، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده. أخرجه الترمذي، وصححه ابن حبان.

والغضب ليس عذرًا في الإساءة إلى الوالدة.

فينبغي أن تستشعر عظم حق الوالدة، وأن تستعين بالله جل وعلا على برّها، والبعد عن عقوقها، وأن تبادر بالتوبة إلى الله من تقصيرك في حقها، وأن تستسمح والدتك، وتعتذر إليها عما يبدر منك.

وما ذكرته من معاناة والدتك، وصعوبة حياتها، ينبغي أن يزيدك برًّا بها، وحنانًا عليها، وإحسانًا إليها.

وأما قولك: (كيف أوفّق في حسن المعاملة بين زوجة أبي وأمّي): فاعلم أن حق أمّك آكد من حق زوجة أبيك؛ فيجب عليك أن تقدم بر أمّك، والإحسان إليها، وفي الوقت نفسه لا ينبغي أن يمنعك ذلك من الإحسان إلى زوجة أبيك التي احتضنتك، وربَّتك، وأحسنت إليك. 

وراجع للمزيد حول بر الوالدة الفتاوى: 58735، 227326، 415456.

ونعتذر عن إجابة بقية أسئلتك؛ لأننا بيّنّا في خانة إدخال الأسئلة أنه لا يسمح إلا بإرسال سؤال واحد فقط في المساحة المعدة لذلك، وأن الرسالة التي تحوي أكثر من سؤال سيتم الإجابة عن السؤال الأول منها، وإهمال بقية الأسئلة.

والله أعلم.