عنوان الفتوى : من شرع في صلاة منفردا ثم أقيمت الصلاة
أثناء صلاة معينة بدأ المقيم بإقامة الصلاة. متى يجب على المصلي أن يقطع صلاته؟ هل بمجرد قول أول كلمة من الإقامة؟ أم عند تكبير الإمام للإحرام؟ أم له أن يبقى حتى يكمل صلاته ولو بدأ الإمام فعلياً في الصلاة. وإن كان يصلي الظهر مثلا وقد أكمل 3ركعات وبدأ في الرابعة في قراءة الفاتحة، هل يقطع أم يكمل؟ وكيف لو كانت الصلاة نافلة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فمن شرع في صلاة منفردا ثم أقيمت الصلاة، فله حالتان: الأولى: أن تكون صلاته التي يصليها نافلة، وقد ذهب الحنفية إلى أنه يلزمه أن يصليها ركعتين ثم يدخل مع الجماعة، لأن النافلة عندهم تلزم بالشروع فيها، وانظر "بدائع الصنائع" (1/286). وذهب المالكية إلى أنه يصليها ركعتين ويتجوز ثم يدخل في الجماعة، وذلك ما لم يخش فوات الركعة الأولى، وانظر "شرح الخرشي" (2/21) ومثله في "شرح الدردير" (1/ 324). وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يتمها ركعتين ما لم يخش فوات الجماعة، والجماعة عندهم تدرك بإدراك الإمام قبل السلام، راجع "المجموع" (4/ 103) و"المغني" (1/272). وذهب الظاهرية إلى أن النافلة تبطل بمجرد إقامة الصلاة، أخذا بظاهر حديث: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. متفق عليه، وراجع "المحلى" (2/146). الثانية: أن تكون صلاته فرضا. وقد ذهب الحنفية إلى أنه إن كانت صلاة الفجر فلم يصل إلى السجدة من الركعة الثانية، فإنه يقطعها ليدرك فضل الجماعة، وإن كانت رباعية، فإن كان في الركعة الأولى، ضم إليها أخرى وسلم، وإن كان قد قام إلى الثالثة فيجلس ويسلم ما لم يصل إلى السجود من الثالثة، فإن وصل إلى السجود أتمها، وإن كانت المغرب فإن صلى ركعة قطعها لأنه إن ضم إليها أخرى فلا يمكنه القطع، لأنه أتى بالأكثر، وإن أراد القطع بعد الركعتين، كان متنفلا قبل المغرب، وهو منهي عنه عندهم، وإن صلى ركعتين فليتمها وكذا إن صلى الثالثة، ولكن لا يدخل بعد المغرب مع الإمام، لأن التنفل بالثلاث غير مشروع عندهم، وانظر "بدائع الصنائع" (1/ 287). وأما المالكية، فقالوا: إنه يقطع إن خشي فوات الركعة الأولى مع الإمام، وانظر "شرح الخرشي" (2/21). وأما الشافعية، فقالوا: إنه يقلبها إلى نافلة، ما لم يصل إلى الثالثة، فإن قام، فيتمها ثم يدخل مع الجماعة. هذا إذا كان يصلي حاضرة، أما إذا كان يصلي فائتة، فإنه لا يقطعها ولا يقلبها نفلا إلا إذا كانت الجماعة بنفس الفائتة وكان قضاؤها على التراخي، وراجع "نهاية المحتاج" (2/ 206). وأما الحنابلة، فإنهم لم يذكروا القطع إلا في النافلة، فالظاهر أنهم لا يرون قطع الفريضة بل عليه أن يتمها، وانظر "الإنصاف" مثلا (2/220). وأما الظاهرية، فظاهر كلام ابن حزم أن الفريضة لا تقطع، وراجع "المحلى" (2/ 146). وبعد هذا العرض الموجز لأقوال أهل العلم في المسألة، فإننا نرى أنه إذا كان المصلي متنفلا، فإن أرجح المذاهب في المسألة هو مذهب أهل الظاهر، لأنه أشدها التصاقا بنص الحديث المتقدم "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" فإن قوله "لا صلاة" نكرة مبنية في سياق نفي، وهي من أشد الألفاظ توغلا في العموم، فتعم من دخل في النافلة ومن لم يدخل فيها. قال صاحب "المراقي" في الأصول: وفي سياق النفي منها يذكر=====إذا ُبِني أو زيد "من" منكر والله أعلم.