عنوان الفتوى : عَدَلَ عن خطبتها بعد الموافقة فحزنت
وعدني شاب بالزواج؛ رغم رفض والده؛ لسبب دنيوي، وسوء تفاهم سابق ليس بالكبير، وطلبتني والدته، ولم تعد بعد أن غيّر الوالد رأيه، وعاد لرفضه، وعادت علاقتي بالشاب، واستمر الوعد بالزواج على أن يحاول إقناع والده، وبعد سنة أقنع الشاب والده، وعادت والدته لتطلبني، واتفق الشاب مع والدي على جميع الأمور، وبعد أن حان دور والده ليتمم الأمور، عاد لرفضه مرة ثانية، رغم موافقته السابقة على كل ما مضى بعد محاولات الإقناع، وأقنعوا الشاب وزوّجوه غيري، فهل في ذلك ظلم لي، فقد غلب على قلبي الحزن، والقهر؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالعدول عن الخطبة من جهة الرجل، أو المرأة، جائز للمصلحة، وليس ظلمًا، لكنّه يكره، إذا كان لغير مسوّغ، وانظري الفتوى: 33413.
والذي ننصحك به ألا تأسفي على فوات هذه الخاطب، ولا تحزني، ولا تشغلي نفسك بأمره.
واعلمي أنّ كل ما جرى، فهو من أقدار الله، التي يجريها بحكمته البالغة، ورحمته الواسعة، وأنّ الله قد يصرف عنك شيئًا عاجلًا، ويدّخر لك خيرًا منه، فهو سبحانه أعلم بمصالح العبد من نفسه، وأرحم به من أبيه وأمه، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، قال ابن القيم -رحمه الله-: والعبد لجهله بمصالح نفسه، وجهله بكرم ربه، وحكمته، ولطفه، لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل، وإن كان دنيئًا، وبقلة الرغبة في الآجل، وإن كان عليًّا. انتهى.
والله أعلم.