عنوان الفتوى : صلاة الجنازة على الطفل والشهيد

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما فائدة الصلاة على الميت إذا كان طفلا وهو لم يرتكب معصية وكذلك الشهيد المغفور له؟

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

من المتفق عليه بين الفقهاء أن صلاة الجنازة على الميت المسلم واجبة أو فرض والفرض كفائى، بمعنى أن البعض لو صلى عليها سقط الطلب عن الباقين وذلك لأمر النبى صلى الله عليه وسلم بها، ولترغيبه فيها بأن من صلى عليها وتبعها حتى تدفن كان له قيراطان من الأجر، ومن صلى عليها ثم رجع كان له قيراط واحد مثل جبل أحد كما رواه مسلم وغيره، ولم يستثن من وجوبها إلا الشهيد والسقط الذى نزل من بطن أمه قبل تمام حمله فى بعض الصور. والحكمة فيها هى تكريم الميت ومجاملة أهله، وتوديع له حين فارق أهله ودنياه، والدعاء أن يغفر الله له ويرحمه، حتى لو لم يكن قد اقترف إثما ومن أجل هذا صلَّى الصحابة على النبى صلى الله عليه وسلم وإن كان الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، والصلاة على الشهيد جائزة وإن كانت غير واجبة، ففيها تكريم ومجاملة وإن كان مغفورا له بالنظر لما رأيناه منه، أما الحقيقة فهى عند الله وحده، والطفل الذى لم يكلَّف يصلى عليه للتكريم لابن آدم وللمجاملة، وفى الدعاء المفروض فى الصلاة يدعى لأهله بالصبر، فقد روى البخارى والبيهقى أن الحسن البصرى كان يقول فى الصلاة على الطفل: اللهم اجعله لنا سلفا وفرطا وذخرا. قال النووى: إن كان الميت صبيا أو صبية يقتصر على ما جاء فى الحديث الذى رواه أحمد وأصحاب السنن: "اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحيبته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده" ويضم إلى ذلك: اللهم اجعله فرطا لأبويه وسلفا وذخرا وعظة واعتبارا وشفيعا، وثقِّل به موازينهما، وأفرغ الصبر على قلوبهما ولا تفتنهما بعده ولا تحرمهما أجره. هذا فى الطفل الذى مات بعد أن ولد وعاش، أما الطفل الذى ولد ميتا فإن نزل قبل مرور أربعة أشهر على بدء الحمل به فلا يغسَّل، ولا يصلَّى عليه ويلفُّ فى خرقة ويدفن، وهذا ما اتفق عليه جمهور الفقهاء. فإن نزل بعد أن تم له أربعة أشهر فأكثر واستهل أى صاح أو عطس أو ظهرت منه علامة تدل على أنه كانت فيه حياة فهذا لو مات يغسل ويصلَّى عليه باتفاق، فإذا لم يستهل فلا يصلى عليه عند الحنفية والمالكية لحديث رواه الترمذى والنسائى وابن ماجه والبيهقى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا استهل السقط صُلِّى عليه وورث " فاشترط الحديث الاستهلال لأجل الصلاة عليه، أما الحنابلة فيرون الصلاة عليه، لحديث رواه أحمد وأبو داود جاء فيه "والسقط يصلَّى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة" فلم يقيد الحديث السقط بالاستهلال، فيصلى عليه لأنه نسمة نفخت فيها الروح فيعطى حكم المستهل فى الصلاة عليه، وقال الحنابلة: إن الحديث الذى اشترط الاستهلال مضطرب ومعارض بما هو أقوى منه فلا يصلح لأن يكون حجة. وجاء فى فقه المذاهب الأربعة عند الكلام على غسل الميت الذى يتصل بالصلاة عليه أن الحنفية قالوا: إن السقط إذا نزل حيًّا بأن سمع له صوت أو رويت له حركة وإن لم يتم نزوله وجب غسله، سواء كان قبل تمام مدة الحمل -وهى ستة أشهر ولحظتان- أو بعدها. أما إذا نزل ميتا فإن كان تام الخلق فإنه يغسل كذلك، وإن لم يكن تام الخلق بل ظهر بعض خلقه فإنه لا يغسل الغسل المعروف وإنما يصب عليه الماء ويلف فى خرقة وعلى كل حال فإنه يسمى لأنه يحشر يوم القيامة. والمالكية قالوا: إذا كان السقط محقق الحياة بعد نزوله بعلامة تدل على ذلك كالصراخ والرضاع الكثير الذى يقول أهل المعرفة إنه لا يقع مثله إلا ممن فيه حياة مستقرة وجب تغسيله، وإلا كره. والحنابلة قالوا: السقط إذا تم فى بطن أمه أربعة أشهر كاملة ونزل وجب غسله، وأما إن نزل قبل ذلك فلا يجب غسله. والشافعية قالوا: إن السقط النازل قبل عدة تمام الحمل -وهى ستة أشهر ولحظتان إما أن تعلم حياته فيكون كالكبير فى افتراض غسله، وإما ألا تعلم حياته، وفى هذه الحالة: إما ألا يكون قد ظهر خلقه فيجب غسله أيضا دون الصلاة عليه، وإما أن يظهر خلقه فلا يفترض غسله، وأما السقط النازل بعد المدة المذكورة فإنه يفترض غسله وإن نزل ميتا، وعلى كل حال فإنه يسن تسميته بشرط أن يكون قد نفخت فيه الروح. ولتوضيح صلاة الجنازة على الشهيد، وهو الذى قتل فى معركة بين المسلمين والكافرين، نقول: قد وردت أحاديث صحيحة تصرح بعدم الصلاة عليه، منها ما وراه البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بدفن شهداء أُحد فى دمائهم ولم يغسلهم ولم يصل عليهم كما قال جابر. كما وردت أحاديث أخرى صحيحة تصرح بأنه يصلى عليه، منها ما رواه البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات. لكن يرد على هذا الحديث بأن الكلام فى الصلاة على الشهيد قبل الدفن، وروى البيهقى حديثا مرسلا-سقط منه الصحابى-عن أبى مالك الغفارى قال: كان قتلى أُحد يؤتى منهم بتسعة وعاشرهم حمزة فيصلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يحملون ثم يؤتى بتسعة فيصلى عليهم وحمزة مكانه حتى صلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحديث جابر أصح من حديث أبى مالك الغفارى. ومن هنا قال ابن حزم يجوز أن يُصلَّى على الشهيد وألا يصلى عليه، فإن صلى عليه فحسن، وإن لم يصل عليه فحسن، وهو إحدى الروايات عن أحمد، واستصوب ابن القيم هذا الرأى وقال: والأظهر من أمر شهداء أحد أنه لم يصل عليهم عند الدفن، وقد قتل معه بأحد سبعون نفسا فلا يجوز أن تخفى الصلاة عليهم. وحديث جابر فى ترك الصلاة عليهم صحيح، لأن أباه عبد الله كان أحد القتلى يومئذ فعنده من الخبرة ما ليس عند غيره. ويرجح أبو حنيفة وجوب الصلاة على الشهيد، ويرجح مالك والشافعى وأحمد فى رواية عدم وجوب الصلاة عليه. ومع كون الصلاة على الشهيد غير واجبة فإنها تجوز ولا تحرم، لعدم الدليل على المنع، وللحديث الذى رواه البيهقى. هذا فى الشهيد الذى قتل فى المعركة بين المسلمين والكافرين، أما الشهيد فى غير ذلك كالمبطون وبقية شهداء الآخرة المذكورين فى الأحاديث فيغسلون ويصلى عليهم. "راجع ما سبق فى ص 620 من المجلد الرابع بخصوص صلاة الجنازة على الطفل "

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...