عنوان الفتوى : أحكام من ضرب ولده فحصل له ضرر فعوفي وبقيت آثاره
منذ حوالي أربع سنوات كان عمر ابني ثلاث سنوات، وكنا في زيارة لبعض المعارف، وبعدها اشترينا أغراضا من السوق، وعدنا للمنزل، وكان من ضمن المشتريات مشروبات غازية من الزجاج، وكان الولد يبكي، وفجأة قام بإلقاء الزجاجة في الأرض فانكسرت، فلم أتمالك نفسي، وضربته ضربة واحدة، فوقع على الزجاج، فحدث له قطع في أربطة كف يده اليمنى، وتم عمل جراحة له لربط هذه الأربطة، والحمد لله يده الآن يستخدمها بشكل عادي جدا، ولكن آثار الخياطة ظاهرة بعض الشيء على يده. سؤالي هو: ما هو الواجب علي عمله؟ يعني هل يجب علي مثلاً فتح حساب للولد، وأضع فيه قيمة دية معينة؟ وكم تكون قيمتها؟ علماً بأنني في هذه الفترة لم أكن أعمل، وكنت تحت ضغط عصبي بعض الشيء، وهذا ليس عذرا، ولكن حتى يكون
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص الفقهاء على أن التلف الناتج عن ضرب الصغير غير المميز يلزم به الضمان؛ لكونه فيه نوع من التعدي، جاء في الروض المربع في الفقه الحنبلي: وإذا أدب الرجل ولده ولم يسرف لم يضمنه..... وإن أسرف أو زاد على ما يحصل به المقصود أو ضرب من لا عقل له من صبي أو غيره ضمن لتعديه. اهـ. والشاهد في قوله: أو ضرب من لا عقل له...الخ. وجاء تفسيره في قول ابن القاسم في حاشيته على الروض المربع بقوله: أي أو ضرب المؤدب، ممن تقدم ذكرهم على شخص، لا عقل له، من صبي غير مميز، أو غيره كمجنون ... اهـ.
وههنا أمر آخر يجدر التنبيه عليه، وهو أن الجرح إذا كان قد بريء، ولم يُحدث بعد برئه نقصا فلا شيء فيه، قال ابن قدامة في المغني: ولا يكون التقويم إلا بعد برء الجرح؛ لأن أرش الجرح المقدر إنما يستقر بعد برئه، فإن لم تنقصه الجناية شيئا بعد البرء مثل أن قطع أصبعا أو يدا زائدة أو قلع لحية امرأة، فلم ينقصه ذلك بل زاده حسنا، فلا شيء على الجاني؛ لأن الحكومة لأجل جبر النقص، ولا نقص ههنا، فأشبه ما لو لطم وجهه فلم يؤثر. اهـ.
وعلى تقدير وجوب الضمان يرجع في تقدير ذلك إلى القاضي الشرعي. وأنت كولي له ترعى له هذا المال، وتتصرف فيه لمصلحته حسب مقتضى الشرع، فإذا بلغ ورشد دفع إليه ماله. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 33965. وإن رأيت حفظه له في حساب خاص فلا بأس.
وننبه إلى الحذر من محاولة تأديب الولد المستحق للتأديب في حال الغضب أو العصبية، فالغالب أن يترتب على ذلك بعض العواقب غير الحميدة. وانظر الفتوى رقم: 8038.
والله أعلم.