عنوان الفتوى : لا تعارض بين قاعدة "اليقين لا يزول بالشك" والحديثين المذكورين

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

من القواعد التي أصلها الفقهاء أن اليقين لا يزول بالشك، لكن الحديث الذي رواه الخمسة والذي ينهى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم المستيقظ من النوم من غمس يده في الإناء قبل غسلها لاحتمال نجاسة اليد، وكذلك الحديث الذي رواه أحمد وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ يعارضان هذه القاعدة العظيمة، فقد نهى الأول من غمس اليد قبل غسلها، وأمر الثاني بالوضوء، أرجو بيان ذلك وجزاكم الله خيرا.

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فهذان الحديثان لا يعارضان هذه القاعدة، وقد تكلم شراح الحديث عن ذلك، وبينوا وجه عدم مخالفتها للقاعدة المذكورة. أما عن الحديث الأول: فقد قال النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم وهو يعدد فوائد هذا الحديث، قال: ومنها: استحباب الغسل ثلاثا في المتوهمة، ومنها: استحباب الأخذ بالاحتياط في العبادات وغيرها، ما لم يخرج عن حد الاحتياط إلى حد الوسوسة. إلى أن قال رحمه الله: هذه فوائد الحديث غير الفائدة المقصودة هنا، وهي النهي عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها، وهذا مجمع عليه، لكن الجماهير من العلماء المتقدمين والمتأخرين على أنه تنزيه لا تحريم، فلو خالف وغمس لم يفسد الماء ولم يأثم الغامس.. إلى أن قال: فإن الأصل في الماء واليد الطهارة، فلا ينجس بالشك، وقواعد الشرع متظاهرة على هذا، ولا يمكن أن يقال الظاهر في اليد النجاسة، وأما الحديث فمحمول على التنزيه. اهـ. وأما الحديث الثاني: فقد اختلف العلماء اختلافا واسعا في النوم هل ينقض الوضوء أم لا؟ وعلى القول بالنقض هل هو ناقض بنفسه أم أنه مظنة الحدث؟ وأرجح هذه الأقوال قول الشافعي ومن وافقه أن نوم الجالس الممكن مقعدته من الأرض لا ينقض. يقول صاحب عون المعبود: فإذا نام غير ممكن للمقعدة غلب على الظن خروج الريح، فجعل الشارع هذا الغالب كالمحقق، وأما إذا كان ممكنا فلا يغلب على الظن الخروج، والأصل بقاء الطهارة. اهـ والله أعلم.