عنوان الفتوى : المداراة تنتظمها الأحكام الخمسة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما الفرق بين مداراة السفهاء والحمقى والسكوت عن الإساءة من باب التسامح ومطالبة المسلم بالشجاعة وأخذ حقه وعدم السكوت عن الإساءة وكلمة عمر ابن الخطاب: يعجبني من الرجل إذا سيم خطة ضيم أن يقول لا بملء فيه.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد عرف العلماء المداراة بأنها بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معًا. وقيل هي: ملاينة الناس ومعاشرتهم بالحسنى من غير ثلم في الدين، في أي جهة من الجهات، والإغضاء عن مخالفاتهم في بعض الأحيان. وأصلها: المدارأة من الدرء وهو الدفع. ومن ذلك اتقاء الفسقة والظلمة ببعض الكلمات الحقة، وبالتبسم في وجوههم، من غير إقرار لهم أو معاونة، فإن ذلك من المداهنة المحرمة. ويدل على مشروعية المداراة ما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال: بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة. فلما جلس تطلَّق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت عائشة: يا رسول الله، حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة، متى عهدتني فحّاشاً، إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم. ذكر ذلك البخاري في صحيحه. وهذه المداراة مباحة، وقد تكون واجبة إن كان يتوصل بها إلى دفع ظلم أو دفع محرمات لا تندفع إلا بذلك. وقد تكون مندوبة إن كانت وسيلة لمندوب. وقد تكون مكروهة إن كانت عن ضعف، ولا ضرورة تقتضيها، بل خور في الطبع. وقد تكون مكروهة إن كانت وسيلة للوقوع في مكروه. هكذا ذكر القرافي في الفروق، رحمه الله. ومنه تعلم أن هذه المداراة لها موضعها، وللشجاعة والصدع بالحق موضعهما كذلك، والحكمة هي وضع الشيء في موضعه. وينبغي أن تعلم أن المسامحة والعفو عن الظالم والإحسان إليه على ذلك من القربات المستحبات، كما دلت على ذلك الأدلة المتكاثرة من الكتاب والسنة، كقوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ[الشورى:40]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا. رواه مسلم. وانظر الفتويين التاليتين: 24753، 13741. وأما الأثر الذي ذكرته عن عمر رضي الله عنه، فلم نقف عليه في ما بين أيدينا من مصادر. والله أعلم.