عنوان الفتوى : حكم عرض الأجهزة على الزبائن بثمن أعلى من السوق ثم شرائها وبيعها لهم
أنا أعمل في بيع برامج لأجهزة الكمبيوتر، وغالبًا بعد أن أتفق مع العميل على سعر البرامج، أعرض له أسعار الأجهزة التي يحتاجها وأزيد قليلًا عن سعر السوق، فإن وافق، فإني أشتري تلك الأجهزة نقدًا، وتارة بالآجل، ثم أبيعها له، فهل الزيادة التي على الأجهزة حلال لي، ما دام أن العميل موافق وراضٍ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز لك أن تتفق مع الزبائن على برامج، أو أجهزة موصوفة في الذمة، غير معينة، مقدور على تسليمها، مؤجلة بأجل معلوم، مسلّم ثمنها في مجلس العقد، فإذا حان الأجل سلمتها، وهذا يعتبر من بيع السلم، وهو جائز لا حرج فيه، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل، قد أحله الله تعالى في كتابه، وأذن فيه. ثم قرأ الآية، رواه سعيد.
ومن السنة ما روى ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، وهم يسلفون في الثمار السنة، والسنتين، فقال: "من أسلف في شيء، فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم. متفق عليه.
ويجوز لك أن تعرض البرامج، والأجهزة لمن يرغب بشرائها، دون إبرام عقد البيع، فإذا طلب شخص منك شيئًا ما، ووعد بشرائه، جاز أن تشتريه، ثم تبيعه له بعد ذلك، وراجع في هذا الفتوى رقم: 23846.
وأما أن يتم العقد على برامج، أو أجهزة معينة، غير مملوكة لك عند العقد، فهذا محرم؛ لأنه من بيع الشخص لما لا يملك، وقد روى أصحاب السنن، وصححه الألباني، عن حكيم بن حزام -رضي الله عنه- أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي، أبتاع له من السوق، ثم أبيعه، قال: لا تبع ما ليس عندك.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن يبيع عينًا لا يملكها؛ ليمضي ويشتريها، ويسلمها، رواية واحدة، وهو قول الشافعي، ولا نعلم فيه مخالفًا. انتهى.
وقال الزحيلي في الفقه الإسلامي: وعلى أي حال؛ فقد اتفقت المذاهب الثمانية، وجميع الفقهاء، ومنهم ابن حزم، وابن تيمية، وابن القيم على أن بيع الإنسان ما لا يملك، لا يجوز؛ إما لأنه معدوم أثناء العقد عند الأغلبية الساحقة، وإما لأنه غرر عند الحنابلة. اهـ.
والله أعلم.