عنوان الفتوى : حكم من يقول لو كان الرسول حيا فلن أسمع كلامه في بعض ما نهى عنه
ما حكم المرأة التي تقول: لو كان النبي صلى الله عليه وسلم بيننا الآن، أو لو أتأني النبي صلى الله عليه وسلم -بنفسه- في المنام، وأمرني بعدم وضع مكياج، وكريم أساس، وطلاء أظافر، وأظافر صناعية، وعدسات ملونة، وماسكرا، وغيرها من الأصباغ، وعدم وضع عطر أو بارفان، أو كريم معطر أو نحوه: عند الخروج من البيت، وألا أتنمص (أرقق حاجبي) وألا أستوشم (جرح جزء من البدن؛ ليسيل الدم، فيحشى كحلا ونحوه: فيخضر، أو يزرق، أو يحمر) (أو الوشم بالليزر، أو الوشم بقلم إلكتروني في رأسه إبرة دقيقة، أو بغيره من الطرق الموجودة حاليا، أو التي ستستحدث فيما بعد) وألا أتفلج (أستوشر) وهو برد ما بين الأسنان لتبدو صغيرة، وألا أصل شعرى (باروكة، ورموش صناعية، وتركيب ضفائر صنعت من الشعر) وألا أجري جراحة تجميل: بلا ضرورة طبية ملحة، بل فقط بدافع الزينة، وتقليد الممثلات والمطربات، وعارضات الأزياء، وملكات الجمال! وألا أخرج بكعب عالي، أو بخلخال، وألا ألبس أساور تصطك معا محدثة صوتا، وألا ألبس بلوزة ضيقة (بادي) أو جونلة (جيبة) ضيقة عند الخروج، وألا ألبس البنطلون: إلا بشرط أن يكون فوقه إسدال، أو ملحفة، أو عباءة (وليس تونيك!) واسعة، لا تشف، طويلة للقدمين: بلا فتحة! وأن تكون العباءة بكم طويل (مع مراعاة تضييق فتحة الكم بأزرار ونحوه) لئلا يظهر ذراعي إذا رفعت يدي، وأن أغطي قدمي بجورب (شراب) لونه داكن (غامق) ليس مثقبا، ولا يشف، وألا ألبس حزاما حول العباءة، وألا أكتفى بلبس طرحة قصيرة، بل يجب أن ألبس خمارا (لا يشف، وليس مزخرفا أو مطرزا، أو لامعا، أو بألوان تلفت الانتباه) يغطي الصدر والأرداف، أو ألبس إسدالا، أو ملحفة تغطي كل جسمي من رأسي وحتى قدمي، فلن أسمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم !! فمستحيل أن أتخلى عما ألفته من الموضة، وبهجة الشباب!!
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمعاصي -حتى الكبائر منها- ليست كفرا وإنما هي فسق، ولكن يعظم خطرها حين تكون على وجه الاستحلال، أو الاستخفاف بمن حرمها، ونحو ذلك مما يناقض الإيمان، ويخلع ربقة الإسلام، ولذلك فإن من قالت هذا الكلام يخشى عليها الزيغ عن دين الله تعالى، لما يُفهم من كلامها من الاستخفاف بمقام الرسول صلى الله عليه وسلم، واستحباب الحياة الدنيا على الآخرة، والعياذ بالله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الصارم المسلول): إذا كان المخالف عن أمره صلى الله عليه وسلم قد حذر من الكفر والشرك، أو من العذاب الأليم، دل على أنه قد يكون مفضيا إلى الكفر، أو إلى العذاب الأليم. ومعلوم أن إفضاءه إلى العذاب، هو مجرد فعل المعصية، فإفضاؤه إلى الكفر، إنما هو لما قد يقترن به من استخفاف بحق الآمر، كما فعل إبليس. اهـ.
وهذه الحال تخالف حال من يقع في المعصية، ويؤثر هوى نفسه، وتغلبه شهواته، وهو مع ذلك كاره للمعصية، مستاء من مقارفتها، راغب في مفارقتها، مُعَظّم للناهي عنها، منقاد لشرعه. فمثل هذا معه أصل الإسلام، ومطلق الإيمان. فلا يخرج من الملة بذنب اقترفه، وإن كان مُصِّرا على بعض الكبائر.
وراجع الفتوى رقم: 290677، والفتوى رقم: 130184.
والله أعلم.