عنوان الفتوى : لا علاقة للهجرة أو الإقامة في قضاء الصلوات
شخص يضره عصاة، لهم نفوذ، وتسببوا في مرض روحي له، والشخص يخشى على نفسه منهم. الشخص قال أدعية، وأذكارا يرجى منها الخير كله، وحدث تحسن في حاله، وحفظ مرضه بصورة كبيرة. الشخص زاد في أدعيته وأذكاره، ويظن أيضا أن من الخير كله قبول أي طاعة يؤديها كالصلاة، والهجرة، والحصول على كامل ثوابها. الشخص علم أن من الأفضل عند اتخاذ الأسباب لأداء أمر ما الجمع بين الأسباب الدنيوية، والروحية. ولكي يتخلص هذا الشخص من ضرر العصاة، أمامه أمران: الصلاة، والهجرة. السبب الأول: الصلاة: الشخص عليه صلوات كثيرة فائتة، وأدى جزء منها من قبل، ووجد خيرا ليس سهلا قد حدث، وهي سبب للرزق والخير كله (تقريبا الخير كله، منه التخلص من ضرر العصاة، ومرضه، وزيادة أدائه للصلوات الفائتة) ويمكن التفرغ في بلده لأدائها، ولكن ضرر العصاة قلل عدد الصلوات الفائتة التي يصليها في اليوم. السبب الثاني: الهجرة:هى شرعا سبب للرزق وللخير كله، ويرجح الشخص أن ضرر العصاة سوف يقل، حيث إن العصاة لهم نفوذ في الدولة التي سوف يهاجر لها، ولكن ضررهم عليه سيكون أقل، مما يؤدي لزيادة أدائه للصلوات الفائتة عن صلاته في بلده، ولكن الهجرة تحتاج إلى إمكانيات مادية وغيرها، مما يتطلب فترة زمنية، ومزيد عمل في بلده، والبلد الذي سوف يهاجر إليه، حتى يوفر المتطلبات المادية للهجرة ليقوم بها، ويستمر في وجوده في البلد الآخر الذي سيهاجر إليه، مما سيؤدي لعدم التفرغ للصلاة، وتقليل أداء الصلوات الفائتة، ولكن الشخص يرجح أنه مع تخفيف ضرر العصاة في البلد الآخر سيزيد أداؤه للصلوات الفائتة عموما بعد هجرته، عما كان يصلي في بلده، رغم ما فعله للهجرة من تقليل الصلاة ووقتها. ما الأولى شرعا للتخلص من الضرر الصلاة فقط، أم الصلاة مع الهجرة في نفس الوقت؟ وإذا كان في السبب الثاني أيضا: الهجرة: يمكن كسب مال يساعد على الإقامة في مكان يقلل بصورة كبيرة الضرر الذي يقلل من أداء الصلوات الفائتة الذي يجده في بلده. ما الأولى شرعا لزيادة أداء الصلوات الفائتة: الصلاة فقط، فهي سبب للخير كله، أم الصلاة مع الهجرة في نفس الوقت؟ هل يجوز لهذا الشخص الهجرة مع الصلاة في نفس الوقت، لأي سبب آخر؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا لهذا الشخص أولا هي أن يتوكل على الله، ويفوض أمره إليه، ويعلم أنه لا يضر ولا ينفع على الحقيقة إلا هو سبحانه وتعالى، فليعتصم بالله وليلجأ إليه؛ فإنه من يتوكل على الله فهو حسبه، وإذا صدق هذا الشخص في توكله على الله تعالى، فإن الله سيكفيه شر هؤلاء الناس بفضله ومنته، سواء أقام في بلده، أو هاجر منها.
وأما ما عليه من الصلوات الفائتة: فإن كانت متروكة عمدا، ففي وجوب قضائها خلاف، مبين في الفتوى رقم: 128781.
فإذا أراد قضاء تلك الصلوات، عملا بقول من يوجب ذلك، فليبادر بهذا الأمر، وليكن قضاؤه بما لا يضر ببدنه، أو بمعيشة يحتاجها، على ما هو مبين في الفتوى رقم: 70806.
وأما هجرته من بلده، فلا حرج عليه فيها إن علم أو غلب على ظنه أن في ذلك مصلحة دينية، أو دنيوية له، ولا تعارض بين الأمرين حتى يطلب الترجيح بينهما، فإنه مطالب سواء هاجر أو أقام، بقضاء ما يتيسر من الصلوات، بما لا يضر ببدنه أو بمعيشته، وأما أمر الهجرة فمرد النظر فيه إليه فإنه أدرى بمصلحة نفسه، وما يعود عليها بالنفع في دينه ودنياه، وليستخر ربه تعالى قبل كل خطوة يخطوها، وليستشر ذوي الرأي والناصحين له من أهله وقرابته، وأصدقائه ممن هم أخبر بحاله، وأدرى بما يصلح له.
والله أعلم.