عنوان الفتوى : هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة النافلة
هل يوجد دعاء معين يقال بعد إقامة الصلاة؟ وهل قول المأموم عند تكبيرة الإحرام سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير" جائز أم هذا محدث؟ومن صلى 12 ركعة نافلة في اليوم 2 قبل الفجر، و4 قبل الظهر و2 بعده و2 بعد المغرب و2 بعد العشاء يبنى لك قصر في الجنة (أو كما في الحديث)، أظنني قرأت هذا الحديث في الصحيحين إلا أن أخطئ؟ وكم هي صلاة النافلة في اليوم أصلًا؟ وهل كان الرسول عليه السلام لا يزيد في اليوم والليلة عن 40 ركعة؟ وما هي تلك الأربعون ركعة؟ ولماذا السر والجهر في الصلاة؟ وهل صلاة الليل جهراً؟ وهل نستطيع أن نصيلها سراً؟ وهل تأخير العشاء إلى بعد منتصف الليل يوجب القضاء أم هي إلى الفجر؟ وهل دعاء القنوت في آخر ركعة في الوتر واجب دائما؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أبو داود أن بلالاً أخذ في الإقامة، فلما أن قال قد قامت الصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم: أقامها الله وأدامها.
وقد ضعف هذا الحديث الألباني وعبد القادر الأرناؤوط في تخريج الأذكار النووية.
وأما قول سمعنا وأطعنا عند الإحرام، فإن قصدت قولها قبل الإحرام فهو محدث لم يثبت فيه ما يدل عليه، قال ابن القيم في زاد المعاد مبينا الهدي النبوي في الصلاة: كان إذا قام إلى الصلاة قال الله أكبر ولم يقل شيئاً قبلها. وإن قصدت قولها بعد الإحرام، فإنه لم يثبت في استفتاحاته التي كان يستفتح بها في الصلاة أنه كان يقول سمعنا وأطعنا، وعليه فهو محدث حسبما يظهر.
وأما صلاة اثنتي عشرة ركعة في اليوم، فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبد يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة. وثبت تفصيلها في حديث أم حبيبة: من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة، أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر. رواه النسائي والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
وأما كونه لا يزيد في اليوم والليلة على أربعين ركعة، فقد ذكر ابن القيم أنه كان يحافظ في اليوم والليلة على أربعين ركعة، سبع عشرة الفرائض، واثنتي عشرة في حديث أم حبيبة، وإحدى عشرة صلاة الليل.
فهذه الأربعون ركعة كان يحافظ عليها كما قال ابن القيم، ولكن لا يمنع ذلك من الزيد عليها أحياناً، فقد ذكرت عائشة: أنه كان يصلي الضحى أربع ركعات، ويزيد ما شاء الله. رواه أحمد ومسلم.
وفي حديث أم هانئ: أنه صلى الله عليه وسلم صلى سبحة الضحى ثماني ركعات. رواه البخاري ومسلم. وفي حديث علي أنه صلى ركعتين أولاً ثم صلى أربعاً بعد ارتفاع النهار وأربعًا قبل العصر، فقد أخرج أحمد وابن ماجه وأبو يعلى بسند صحيح عن علي رضي الله عنه أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر أمهل، حتى إذا كانت الشمس من ههنا يعني من قبل المشرق مقدارها من صلاة العصر من ههنا من قبل المغرب قام فصلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا كانت الشمس من ههنا يعني من قبل المشرق مقدارها من صلاة الظهر من ههنا يعني من قبل المغرب قام فصلى أربعاً، وأربعا قبل الظهر إذا زالت الشمس وركعتين بعدها وأربعا قبل العصر...
وذكر حذيفة أنه صلى معه في المغرب إلى العشاء، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب، فصلى إلى العشاء. رواه النسائي وجود إسناده المنذري وصححه الألباني.
وقد ثبت من قوله الترغيب في ركعتين قبل المغرب قال: صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب، قال في الثالثة لمن شاء. رواه البخاري.
وقد ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم الترغيب في صلاة أربع بعد الظهر كما في الحديث: من يحافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار. رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وللزيادة في موضوع النوافل اليومية راجع الفتوى: 2116.
وأما حكم الجهر والسر، فقد ذكر ابن قدامة في شرح العمدة وفي المغني أنه لا خلاف في استحباب الجهر والسر في محلهما، والأصل فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف، فإن خالف ترك السنة فصلاة الليل يجهر فيها ولا ينبغي تعمد الإسرار فيها، فالجهر والسر في محلهما مستحبان مؤكدان عند الجمهور للإمام والمنفرد، ونقل النووي عليه الإجماع في المجموع، وراجع في حكمة الجهر والسر الفتوى: 28213.
وأما تأخير العشاء إلى ما بعد منتصف الليل، فلا يجعلها قضاء بل هي أداء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة. رواه البخاري ومسلم. وقال: من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر. رواه البخاري ومسلم. وراجع في حكم تأخيرها الفتوى: 1883، والفتوى: 26487.
وأما القنوت في الوتر، فليس بواجب كما هو موضح في الفتوى: 25269.
والله أعلم.