عنوان الفتوى : المرتد إذا تاب فهل تقبل توبته

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يشترط لقبول إسلام من ارتد في ديار الكفر هجرته إلى بلاد المسلمين؟ وهل هذا الحكم ينطبق على المرتد في زماننا هذا ممن يعيش في أوربا مثلا سواء أشرك أم كفر؟ لأني قرأت لابن تيمية هذا الكلام في الصارم المسلول، ومنذ ذلك الحين وأنا في ضيق وكرب شديد يعلمه الله لأني قد وقعت مني ردة فيما أعلم لكني نطقت بعدها بالشهادتين، غير أن كلام ابن تيمية السابق ذكره استوقفني بحكم إقامتي مع زوجي وابنتي في بلاد الكفر، وأنا أشك في كون الله قد قبل مني إسلامي، وصرت بسبب هذا الشك في هم وغم أرجو من لله أن أجد عندكم الدواء الشافي بأسرع وقت ممكن، خاصة أني حامل وأخشى أن يؤثر قلقي وهلعي الكبير على جنيني. بارك لله فيكم ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمرتد إذا تاب قبلت توبته، جاء في التاج والإكليل للمواق: قال مالك: وإذا تاب المرتد قبلت توبته, ولا حد عليه فيما صنع في ارتداده. اهـ

وفي المجموع: وإذا تاب المرتد قبلت توبته. اهـ

وفي الكافي: فإذا تاب المرتد قبلت توبته، وخلي سبيله. اهـ 

وفي بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: وتوبته أن يأتي بالشهادتين، ويبرأ عن الدين الذي انتقل إليه، فإن تاب ثم ارتد ثانيا فحكمه في المرة الثانية كحكمه في المرة الأولى أنه إن تاب في المرة الثانية قبلت توبته، وكذا في المرة الثالثة والرابعة؛ لوجود الإيمان ظاهرا في كل كرة؛ لوجود ركنه، وهو إقرار العاقل وقال الله - تبارك وتعالى - {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا} [النساء: 137] فقد أثبت - سبحانه وتعالى - الإيمان بعد وجود الردة منه، والإيمان بعد وجود الردة لا يحتمل الرد. اهـ

فهذه النصوص وغيرها كثير تؤكد بما لا لبس فيه على قبول توبة المرتد دون تفريق بين من ارتد في بلاد الكفر أو في بلاد المسلمين.

 وأما ما أشرت إليه من كلام شيخ الإسلام، فلعله يقصد من وجبت في حقه الهجرة لتعرضه للفتنة وعدم التمكن من إقامة دينه، ويدل لهذا قوله: وفي مثل هؤلاء نزل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِم}. اهـ

ومعلوم أن الآية المذكورة نزلت في قوم فتنوا عن دينهم ، قال القرطبي: المراد بها جماعة من أهل مكة كانوا قد أسلموا وأظهروا للنبي صلى الله عليه وسلم الإيمان به، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم أقاموا مع قومهم وفتن منهم جماعة فافتتنوا، فلما كان أمر بدر خرج منهم قوم مع الكفار، فنزلت الآية. اهـ

وقد سبق بيان حكم الهجرة من بلاد الكفر بالتفصيل في الفتوى رقم: 28551، فراجعيها للإفادة.
والله أعلم.