عنوان الفتوى : من الروايات الباطلة عند المبتدعة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

يقول شيخ عن الروافض: 1-يتهمون النبي صلى الله عليه وسلم، بأنه كان ينظر إلى عورات النساء، ويخون المؤمنين، وينظر إلى امرأة رجل مسلم، وهي تغتسل عريانة!! ففي بحار الأنوار (22/217): قال الرضا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قصد دار زيد بن حارثة في أمر أراده، فرأى امرأته تغتسل، فقال لها: "سبحان الذي خلقك". 2-يروون عن جعفر بن محمد قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام، حتى يضع وجهه بين ثديي فاطمة"، وفاطمة امرأة كبيرة، بالغة. فكيف يضع النبي صلى الله عليه وسلم وجهه بين ثدييها -رضي الله عنها-!؟ سؤالي: من أين جاء الروافض بذلك؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت السائلة نفسها مصدر هذه الروايات المنكرة، وهو كتاب (بحار الأنوار الجامع لدرر أخبار الأئمة الأطهار) للمولى محمد باقر المجلسي، وهو أوسع كتب الحديث عند الشيعة. وفيه من الأكاذيب، والأباطيل، ما يستنكره عقلاء الشيعة أنفسهم، ومن ذلك ما نقلته السائلة.

  قال حسين الموسوي في كتابه (لله، ثم للتاريخ ص: 20): ونقل الصدوق عن الرضا -عليه السلام- في قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نِفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب:37]، قال الرضا مفسراً هذه الآية: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله، قصد دار زيد بن حارثة في أمر أراده، فرأى امرأته زينب تغتسل، فقال لها: سبحان الذي خلقك) (عيون أخبار الرضا 112) !! فهل ينظر رسول الله صلى الله عليه وآله، إلى امرأة رجل مسلم، ويشتهيها، ويعجب بها، ثم يقول لها: سبحان الذي خلقك؟!، أليس هذا طعناً برسول الله صلى الله عليه وآله؟! اهـ.
وقال في (ص: 30): إذا أردنا أن نستقصي ما قيل في أهل البيت جميعاً، فإن الكلام يطول بنا، إذ لم يسلم واحد منهم من كلمة نابية، أو عبارة قبيحة، أو عمل شنيع، فقد نسبت إليهم أعمال شنيعة كثيرة، وفي أمهات مصادرنا، وسيأتيك شيء من ذلك في فصل قادم.

  اقرأ معي هذه الرواية: عن أبي عبد الله -عليه السلام-: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله، لا ينام، حتى يقبل عرض وجه فاطمة) (بحار الأنوار 43/ 42). (وكان يضع وجهه الكريم بين ثديي فاطمة عليها السلام) (بحار الأنوار 43/ 78). إن فاطمة- سلام الله عليها- امرأة بالغة. فهل يعقل أن يضع رسول الله وجهه بين ثدييها؟! فإذا كان هذا نصيب رسول الله صلوات الله عليه، ونصيب فاطمة فما نصيب غيرهما؟ ... اهـ.
وقد روي في كتب أهل السنة ما يقارب أصل المعنى الثاني، ولكنه ضعيف لا يثبت، وهو مع ذلك من رواية الشيعة أيضا، ومن ذلك ما رواه ابن الأعرابي في معجمه: أخبرنا داود، أخبرنا عباد بن يعقوب، أخبرنا يحيى بن سالم، عن إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن حذيفة قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم، لا ينام، حتى يقبل عرض وجه فاطمة".
قال الألباني في (السلسلة الضعيفة): هذا إسناد ضعيف؛ يحيى بن سالم: كوفي، ضعفه الدارقطني -كما في "الميزان" و"اللسان"-، وغمزه العقيلي فِي حَدِيثِ آخر له ... نسبه فيه مع شيخه، إلى عدم الضبط، وسوء المذهب، يشير إلى أنه شيعي، وقال الذهبي في شيخه ثمة: "شيعي جلد، تكلم فيه". وداود بن يحيى الدهقان: لم أجد له ترجمة. اهـ.

وأبطل منه منه ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام بسفرجلة من الجنة، فأكلتها ليلة أسري بي، فعلقت خديجة بفاطمة، فكنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنة، شممت رقبة فاطمة» رواه الحاكم في المستدرك، وقال: هذا حديث غريب الإسناد، والمتن .. اهـ.

وقال الذهبي في التلخيص الذهبي: من وضع مسلم بن عيسى الصفار. اهـ.

وأورده ابن الجوزي في الموضوعات من عدة طرق تالفة، ثم قال: هذا حديث موضوع، لا يشك المبتدئ في العلم في وضعه، فكيف بالمتبحر. ولقد كان الذي وضعه أجهل الجهال بالنقل، والتاريخ، فإن فاطمة ولدت قبل النبوة بخمس سنين، وقد تلقفه منه جماعة أجهل منه، فتعددت طرقه، وذكره الإسراء كان أشد لفضيحته، فإن الإسراء كان قبل الهجرة بسنة، بعد موت خديجة، فلما هاجر أقام بالمدينة عشر سنين، فعلى قول من وضع هذا الحديث، يكون لفاطمة يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين وأشهر، وأين الحسن والحسين، وهما يرويان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان لفاطمة من العمر ليلة المعراج سبع عشرة سنة، فسبحان من فضح هذا الجاهل الواضع، على يد نفسه. اهـ.

والله أعلم.