عنوان الفتوى : حكم التدخل في مجلس الصلح لترجيح كفة أحد المتخاصمين
هل يجوز الدخول إلى اجتماع لجنة إصلاح ذات البين دون إذن والتدخل لصالح أحد طرفي النزاع رغم عدم موافقة الطرف الآخر واعتراضه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك إن إصلاح ذات البين من أعظم الطاعات وأهم القربات إلى الله تعالى، فقد قال الله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً [النساء: 114] وقال جل وعلا إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:10]
وقال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال إصلاح ذات البين وفساد ذات البين هي الحالقة رواه أحمد وأبو داود والترمذي وعليه فإن التدخل بين المتخاصمين للإصلاح لا يحتاج إلى إذن من أحد بعدما أمر الله سبحانه وتعالى به ورغب فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
أما التدخل لصالح أحد الطرفين دون الموافقة منهما معاً، فهذا ليس من إصلاح ذات البين، ويخشى على صاحبه من الدخول تحت الذم الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: .... ثم يخلف قوم يحبون السمانة يشهدون قبل أن يستشهدوا اللهم إلا أن يكون التدخل المذكور هو الإدلاء بشهادة لا يعلم بها الطرف الذي هي في صالحه.
أما الدخول إلى مكان مخصص للجنة إصلاح ذات البين فلا يجوز إلا بعد الإذن، لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ*فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [النور:27-28]
وعلى كل حال فلا ينبغي لأحد أن يتدخل في شؤون هذه اللجنة التي نصبت لهذا العمل أو رضي بها المتخاصمان لئلا يفسد عليهم... فربما أدت كثرة المتدخلين إلى تعقيد الأمر، وخاصة إذا كان أحد الأطراف المعينين لا يرضى أو يتهم من يتدخل بالميل لصالح خصمه.
ولا يجوز الميل لأحد الأطراف دون الآخر لأن من يقوم بمهمة الإصلاح يقوم بفريضة عظيمة، فهو بمنزلة الحكم الذي يجب عليه أن يكون حيادياً، وأن يعدل بين المتخاصمين حتى يكون ممتثلاً لأمر الله تعالى: فأصلحوا بين أخويكم وأمره تعالى وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل.
والله أعلم.