عنوان الفتوى : المحافظة على الدين أولى وأهم من أي شيء آخر
أخي لا يصلي ولديه صديقات لا أدري مدى علاقته بهن لكن سلامه معهم مثل الأجانب وأختي مراهقة وترى كل ذلك نحن نعيش في أوروبا وأخي عمره 26 سنة وهو يعمل وقد نصحته بالزواج ولكنه رفض مع أنه يستطيع الزواج وهو يعيش مع أمي وأختي وليس لديه أي نخوة فهو لا يساعدهم في شيء إلا بعد إلحاح أما أبي فيعيش في بلد آخر وليس له تأثير في حياتنا أخي يؤثر بالسلب على أختي لأنه يفعل ما يريد ويعيش معهم ولكنها ممنوعة من كل شيء لذلك أقترحت طرده من البيت خاصة أنه يقضي وقته كله خارج البيت وأحيانا يبيت خارجه وأخاف أن تتأثر أختي به أمي طردته مرة ولكن رق قلبها ورجع ورجعت أفعاله وأختي سلوكها تغير وارتبطت بواحد وبالصدفة عرفنا وقطعت علاقتها به ولم نخبر أمي لأنها سوف تنهار هل نطرده أم ماذا نفعل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنتم تسألون حقاً عماذا تفعلون ليسلم لكم دينكم الذي هو رأس مالكم، والمصدر الواجب لسعادتكم في دنياكم وفي آخرتكم، إذا كنتم تسألون عن ذلك حقاً وصدقاً، فعليكم أن تفروا من تلك البلاد التي ينتشر فيها الفساد بكل أشكاله وأصنافه بأيسر الطرق وأسهلها، ولا يستطيع فيها الصالحون المصلحون أن يأخذوا على أيدي سفهائهم الفاسدين المفسدين، لأن الفساد في تلك البلاد مشرع محمي من طرف السلطة العليا بدعوى الحريات الشخصية، كما هو معروف لديكم حتماً.
فلا يجوز للمسلم أن يقيم في بلد ينتشر فيه الفساد، ويغلب فيه سلطانه بحيث لا يستطيع المسلم فيه أن يحافظ على دينه، ويقيم شعائره، ويحمل كل من له عليهم ولاية على ذلك امتثالاً لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم:6].
ولذلك قرر العلماء أنه لا يجوز للمسلم أن يقيم في ديار الكفار إلا لضرورة أو حاجة ماسة، وقد ثبت في سنن الترمذي وأبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين لا تراءى نارهما".
فعليكم أن تفروا بدينكم من تلك البلاد الموبوءة إلى بلاد تستطيعون فيها المحاظة على دينكم، وتجدون من يعينكم على الخير.
واعلموا أن المحافظة على الدين أولى وأهم من أي شيء آخر بما في ذلك الوظائف، ورغد العيش، والاعتبارات المادية برمتها.
ولله در الشاعر حيث يقول:
إذا أبقيت الدنيا على المرء دينه فما فاته منها فليس بطائل
هذا هو الحل الذي نراه.
أما طرد ذلك الولد من البيت، فليس حلاً جذرياً لتلك المشكلة، وإن طردتموه فلن يحصن ذلك البنت المراهقة التي ذكرتم أن سلوكها بدأ يتغير، وذلك لأن مصدر الفساد ليس أخاها فقط، بل المجتمع كله، والبيئة جمعاء.
ولكن إذا كنتم حقيقة عاجزين عن مغادرة تلك البلاد والفرار بدينكم منها، فاطردوا ذلك الولد بعد أن تبذلوا له غاية النصح والتوجيه ولا ينفعه شيء من ذلك، وليس هذا من باب أن ذلك حلاً لمشكلتكم، بل من باب أن لا تكونوا مأوى له وعوناً على إثمه وعدوانه، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2].
ثم عسى أن يردعه ذلك عن بعض غيه وفساده، فيرجع إلى رشده ويتوب إلى ربه.
والله أعلم.