عنوان الفتوى : حكم الاقتراض بالربا من أجل امتلاك بيت
نحن نقيم في غزة، ولنا حوالي 34 سنة في الإيجار (يعني مستأجرين بيتًا للعيش فيه)، ولقد عانينا كثيرًا من كثرة دفع الإيجار، ومشاكل من أصحاب البيوت، ولم يتوفق والدي في شراء بيت لنا للعيش فيه، وفي الفترة الأخيرة أصبح ليس لدينا القدرة لدفع إيجار البيت نتيجة لسوء الأحوال المادية في غزة، وأيضًا لدي أخوان متزوجان، وكل منهما يسكن بالإيجار (يعني لا نمتلك شيئًا في هذه الدنيا)، فقرر أخي الموظف في السلطة أن يسحب قرضًا من أحد البنوك كي نشتري أرضًا ونبنيها ونرتاح من بيوت الإيجار. علمًا أن القرض عليه فوائد، ومع هذا فإننا مضطرون في هذه الحالة، فماذا تحكم على سحب هذا القرض بغرض الخروج من تلك المحنة العظيمة وشراء بيت يسترنا؟ وحياكم الله، وأعتذر على الإطالة للتوضيح.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن المسكن ضرورة للإنسان كالطعام والشراب، ولكن كون السكن ملكًا للشخص فهذا يعتبر حاجة، وليس بضرورة؛ فلا يباح لأجله الاقتراض بالربا، إذا كان الاستغناء بالاستئجار ممكنًا. فإن تعذر الاستئجار ولحقت بسببه مشقة يعسر تحملها، ولم تندفع هذه المشقة إلا بالقرض الربوي، فلا حرج حينئذ في ذلك؛ قال بعض أهل العلم مبينًا حد الضرورة: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو -أي: عضو من أعضاء النفس- أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته دفعًا للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى من نظرية الضرورة الشرعية.
والذي نراه في هذه المسألة بعينها هو: أن تطرح على أهل العلم هناك؛ فلديهم من مباشرة الواقع والاطلاع على أحواله ما ليس لدى غيرهم، ويمكنهم تقدير الظروف والحاجات تقديرًا واقعيًّا، وبناء الحكم عليه دون افتراضات قد لا يكون لها صلة به.
والله أعلم.