عنوان الفتوى : ضوابط جواز عمل المرأة حال الاختلاط
زوجتي تعمل مدرسة لأطفال في الصف الثاني والثالث الابتدائي، وهي تخرج بحجابها الشرعي، ولكن يوجد مدرسون رجال في المدرسة، فسألت عن حكم عملها عددًا من المشايخ، منهم من يجيز، ومنهم من ﻻ يجيز ويقول: إنه اختلاط. فأنا أخاف الله ولا أريد أن أعصيه، فقلت لها: لا تعملي. فقالت: إن هذا رزقًا ساقه الله إليّ، وأنا أحافظ على نفسي، ولا أفعل شيئًا يغضب الله. وخصوصًا أني أسافر للعمل ولا أرجع إلا كل عام، وهي تشغل نفسها بهذا العمل، فدخلت على الإنترنت، فوجدت سؤالًا يشبه حالتي من فتاوى اللجنة الدائمة، وأفتوه أن عمل زوجتك ﻻ يجوز بسبب الاختلاط، وفتوى أخرى عن المال المكتسب من عمل مختلط للشيخ/ عبدالرحمن السحيم يقول: لا يجوز للمرأة أن تعمل العمل المختلط، وكل ما اكتسبه الإنسان في عمل محرم فهو مال حرام، فماذا أفعل؟ أخاف أن أبقيها في العمل فأكون آثمًا، فهل أبقيها أم ﻻ؟ وماذا عن مالها الذي اكتسبته من عملها السابق؟ وجزاك الله خيرًا، وأسف للإطالة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد وجود الرجال والنساء في مكان واحد لا يعتبر اختلاطًا محرمًا، كما سبق أن بيّنّا في الفتوى رقم: 257887، ولكن الممنوع أن لا يكون هنالك تمايز بين الرجال والنساء فيحصل ما يكون سببًا للفتنة، أو أن تظهر المرأة حاسرة أمام الرجال الأجانب، أو أن يكون منها محادثة معهم على وجه لا يرضي الله تعالى، ونحو ذلك، فإذا انتفت هذه المحاذير فلا حرج عليها في العمل في هذه المدرسة، فلك أن تسمح لها حينئذ إن شئت، ولك منعها إلا أن تكون قد اشترطت عليك عند العقد عليها أن تعمل، فليس لك منعها إلا لمسوغ شرعي.
وإن وجد شيء من المحاذير التي أشرنا إليها فلا يجوز لها الاستمرار في هذا العمل، ويجب عليك منعها؛ لأنك مسؤول عنها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}. قال السعدي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك. اهـ. وفي الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته". ويجب عليها طاعتك؛ لأن هذا من الطاعة في المعروف، وانظر الفتوى رقم 10590، فإن امتنعت -والحالة هذه- فهي ناشز، وعلاج الناشز بينه الشرع، فراجع فيه الفتوى رقم: 1103.
والقول بتحريم كسب التدريس في حال وجود اختلاط -مثلًا- لا نرى أنه صواب؛ لأن الكسب إنما هو مقابل تدريس العلم، وليس مقابل الاختلاط، فإن كان العلم الذي تدرّسه مباحًا فكسبها حلال، وعليها إثم اختلاطها.
والله أعلم.