عنوان الفتوى : معنى التعاون غير المباشر على الإثم والعدوان وحكمه

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كنتم قد ذكرتم على موقعكم أن ضابط التعاون على الإثم والعدوان المباشرة، أما التعاون غير المباشر فجائز ولا حرج فيه، وقد بنيتم فتاواكم على هذه القاعدة استناداً لما قرره المجمع الفقهي الذي انعقد بأمريكا، والذي أريد الاستفسار عنه ما هي الأدلة الشرعية التي استندت لها فتوى ذلك المجمع؟ ثم هل هناك تفاضل بين المجامع، فقد أخبرني أحد طلاب العلم أن قرارات المجمع الفقهي الذي ينعقد بجدة هي الأولى بالاتباع. جزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد تكلمنا على معنى التعاون على الإثم والعدوان وكيفيته، بالفتويين التالية أرقامهما: 230626، 238324. فراجعهما وما أحيل فيهما من فتاوى.

وقد ذكرنا بالفتوى رقم: 238762، قرار المجمع المذكور، وفيها بيان جواز الإعانة إذا كانت غير مباشرة، ولا مقصودة: كمن باع ما يستعمل في الحلال والحرام، ولم ينو إعانة مستعمليه في الحرام، وكمن أعطى آخر درهمًا لا ليشتري به خمرًا، فإن اشترى به خمرًا وشربه، فلا إثم على من أعطاه الدرهم، طالما لم ينو به إعانته على المحرم.

وأما  الدليل على هذا فهو التعامل الذي كان يعمله النبي صلى الله عليه وأصحابه مع الكفار، فقد كانوا يشترون منهم ويقترضون منهم، وكان بعض الصحب يؤجر نفسه، وربما يحصل بهذا عون لهم على بعض المعاصي؛ حيث تتوفر لهم فلوس يشترون بها المحرمات، ولكنه ليس عونا مباشرا فلم يحرم كما حرم بيع العنب لمن يعصره خمرا، وبيع السلاح لمن يستخدمه في الحرام، وقد روى ابن أبي شيبة في المصنف عن عطاء أنه قال: لا تبع العنب لمن يجعله خمراً. صححه الألباني.

وقال صاحب الكفاف مسألة تحريم بيع ما يستعمل في الحرام، فقال:
وكل ما به أراد المشتري     ذنبا، فبيعه له ذو حظــــر
فبيع الأسلحــة للعصـاة     من البيوعات المحرمات.
وقد تكلم العلماء على سد الذرائع، فذكروا فيها تفصيلا، وأنه لا يمنع كل ما كان يخشى أن يكون ذريعة للحرام، قال القرافي: وليس سد ‏الذرائع من خواص مذهب مالك، كما يتوهمه ‏كثير من المالكية، بل الذرائع ثلاثة أقسام: قسم ‏أجمعت الأمة على سده، ومنعه، وحسمه كحفر ‏الآبار في طرق المسلمين؛ فإنه وسيلة إلى ‏إهلاكهم، وكذلك إلقاء السم في أطعمتهم، وسب ‏الأصنام عند من يعلم من حاله أنه يسب الله ‏تعالى عند سبها.

وقسم أجمعت الأمة على عدم ‏منعه، وأنه ذريعة لا تسد، ووسيلة لا تحسم ‏كالمنع من زراعة العنب خشية الخمر؛ فإنه لم ‏يقل به أحد، وكالمنع من المجاورة في البيوت ‏خشية الزنا.

وقسم اختلف فيه العلماء هل يسد ‏أم لا؟... اهـ من الفروق.‏

 وأما المجامع ففي كلها خير إن شاء الله تعالى، ولكن المجمع الفقهي بجدة يعد من أوثقها لما فيه من كبار العلماء ما ليس في غيره.

والله أعلم.