عنوان الفتوى : متى تجب الكفارة على من حلف أنه سيموت قبل أمه؟
حلفت يمينا، ولا أعرف إن كان يمين لغو أم لا؛ حيث إنني حلفت لوالدتي بأنني سوف أموت قبلها، وموعد الموت يعلمه الله، وأكدت على ذلك بيمين آخر. هل علي كفارة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يكون معظما لاسم الله، لا يبتذله في كل قليل وكثير، وينبغي للمسلم أن لا يكثر من الحلف؛ لقوله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة: 89}.
فما الداعي لهذا اليمين؟!، ومن أين لك أنك تموت قبلها؟!
واليمين على أمر ممكن في المستقبل، يمين منعقدة، يلزم بالحنث فيها الكفارة, والحنث هنا يكون بموت والدتك قبلك.
جاء في الموسوعة الفقهية: واليمين المعقودة: وهي اليمين على أمر في المستقبل غير مستحيل عقلا، سواء أكان نفيا أم إثباتا، نحو: والله لا أفعل كذا، أو والله لأفعلن كذا. هذا قول الحنفية.
وأفاد المالكية أن اليمين المنعقدة هي: ما لم تكن غموسا، ولا لغوا. ومن تأمل في معنى الغموس واللغو عندهم لم يجد ما يسمى منعقدة سوى الحلف بالله، على ما طابق الواقع من ماض، أو حاضر، أو ما يطابقه من مستقبل؛ لأن ما عدا ذلك إما غموس، وإما لغو، لكن يلحق بالمنعقدة الغموس، واللغو في المستقبل، وكذا الغموس في الحاضر كما سيأتي في الأحكام.
وأفاد الشافعية أن كل يمين لا تعد لغوا عندهم فهي منعقدة، فيدخل فيها الغموس، كما يدخل فيها الحلف على المستقبل الممكن. وبيان ذلك أن اليمين إن كان التلفظ بها غير مقصود كانت لغوا، سواء أكانت في الماضي، أم في الحال أم في المستقبل، وإن كان التلفظ بها مقصودا، وكانت إخبارا مبنيا على اليقين، أو الظن، أو الجهل، وتبين خلافها، كانت لغوا أيضا، ما لم يجزم الحالف بأن الذي حلف عليه هو الواقع، فحينئذ تكون منعقدة، ويحنث فيها.
وإن كانت إخبارا مبنيا على اعتقاد مخالفة الواقع يقينا، أو ظنا، فهي غموس، وهي منعقدة أيضا. وإن كانت للحث، أو المنع، وكان المحلوف عليه ممكنا فإنها تكون منعقدة أيضا. وأما إذا كان واجبا فإنها صادقة قطعا، ولا تعد يمينا. وإن كان مستحيلا فهي كاذبة قطعا، وتكون منعقدة وحانثة.
وقال الحنابلة: إن اليمين على المستقبل إذا كان التلفظ بها مقصودا، وكان الحالف مختارا، وكانت على ممكن، أو على إثبات مستحيل، أو نفي واجب، لكن الشيخ تقي الدين أخرج منها من حلف على مستقبل ظانا صدق نفيه، فتبين بخلافه، ومن حلف على غيره ظانا أنه يطيعه فلم يطعه. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 96574.
والله أعلم.