عنوان الفتوى : حكم بيع الموصوف في الذمة
لم يذكر حكيم بن حزام ـ رضي الله عنه ـ لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه طُلِب منه شراء ثمار من شخص معين، بل طُلِب منه شراء ثمار من السوق؟ فهل هذا موصوف في الذمة أم لا؟. وجزاكم الله خيرا، وأسأل الله أن يجعل ما تقدمونه من مساعدة للناس في ميزان حسناتكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حديث حكيم بن حزام الذي تشير إليه هو قوله: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع ما ليس عندي. رواه الترمذي.
ولأبي داود والنسائي: قال: قلت: يا رسول الله؛ يأتيني الرجل فيريد مني البيع، وليس عندي، فأبتاع له من السوق، قال: لا تبع ما ليس عندك.
وواضح منه أن ما طُلب من الصحابي حكيم بن حزام ـ رضي الله عنه ـ ليس أمرا موصوفا في الذمة، بل هو شيء معين وموجود في السوق، لكنه لا يملكه، فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع ما لا يملك، يقول الخطابي في شرح الحديث: قوله: لا تبع ما ليس عندك ـ يريد بيع العين دون بيع الصفة، ألا ترى أنه أجاز السلم إلى الآجال، وهو بيع ما ليس عنده في الحال، وإنما نهى عن بيع ما ليس عند البائع من قبل الغرر.
لكن يمكن أن يقال إن الموصوف في الذمة أيضا لا يملكه البائع حين العقد، وبالتالي يشمله لفظ الحديث، فلا يجوز بيعه، وهذا الأمر صحيح من ناحية أن الموصوف في الذمة ليس مملوكا للبائع، غير أن بيع الموصوف في الذمة مستثنى بأدلة أخرى أشرنا إليها في الفتوى رقم: 11368.
ومن أهل العلم من يرى أنه غير داخل أصلا في عموم الحديث، لأن الحديث يتناول بيع الأعيان فقط، يقول ابن القيم: وقد ظن طائفة أن السلم مخصوص من عموم هذا الحديث، فإنه بيع ما ليس عنده، وليس كما ظنوه، فإن الحديث إنما تناول بيع الأعيان، وأما السلم: فعقد على ما في الذمة، وما في الذمة مضمون مستقر فيها، وبيع ما ليس عنده إنما نهي عنه لكونه غير مضمون عليه ولا ثابت في ذمته، ولا في يده، فالمبيع لا بد أن يكون ثابتا في ذمة المشتري أو في يده، وبيع ما ليس عنده ليس بواحد منهما، فالحديث باق على عمومه. اهـ.
وعلى كل، فبيع الموصوف في الذمة بشروطه المعروفة جائز اتفاقا، وهو مستثنى من عموم النهي عن بيع ما لا يملك الشخص، أو هو غير داخل في عموم النهي أصلا كما يرى بعض أهل العلم، وراجع لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 119712، ورقم: 198689.
والله أعلم.