عنوان الفتوى : يجوز للمرأة بذل قسمها ليمسكها زوجها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يجوزهجرالزوجة لفترة أكثر من سنة وذلك نفور مني شخصيا وعدم المحبة مني أنا مع محاولاتي الكثيرة للعيش معا ولكن بدون جدوى، مع العلم خيرتها بالطلاق أو بقائها مع أولادها فاختارت البقاء مع أولادها وأن أصرف عليهم؟ وجزاكم الله خيراً...

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن من يتأمل الحقوق الزوجية التي شرعها الله تعالى في ديننا لكل واحد من الزوجين يرى فيها كمال علم الله وحكمته وكمال عدله ورحمته، وأنها من لدن حكيم خبير، فقد أعطى لكل واحد من الزوجين من الحقوق ما تقوم به الحياة الزوجية على أكمل وجه، وتطيب به الحياة الأسرية على أتم حال، ولما كان الزوج وزوجته لصيقين يكثر احتكاك بعضهما ببعض مما ينشأ عنه غالباً وجود مشاكل واختلاف وجهات نظر بمقتضى الطبيعة البشرية، كان لا بد من صبر وتحمل كل منهما لما يصدر من الآخر من أخطاء وزلات تجنباً للشقاق والنزاع المنافيين للمودة والألفة، وحفاظاً على بقاء الأسرة واستمراريتها.
فإذا كانت المرأة مطالبة بالقيام بحق زوجها وطاعته بالمعروف في غير معصية، فإن الرجل أيضاً مطالب بأداء حق زوجته وعدم التساهل فيه، فمن حقها عليه حسن معاشرتها ومعاملتها بالمعروف وتقديم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلف قلبها فضلاً عن تحمل ما يصدر منها والصبر عليه، يقول الله عز وجل: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19].
وقال الله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]
ثم إن المرأة لا يتصور فيها الكمال، وعلى الإنسان أن يتقبلها على ما هي عليه، ففي الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج. ففي هذا الحديث إشارة إلى أن في خلق المرأة عوجاً طبيعياً، وإن محاولة تقويمه غير ممكنة.
وعلى هذا؛ فإن على الزوج أن يستمتع بها على ما هي عليه، ولا يجوز له هجرها، إلا إذا كانت ناشزاً فإن كانت ناشزا هجرها في المضجع فقط، لقول الله تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ [النساء:34].
فإذا لم تكن ناشزاً فيحرم هجرها، بل يعاملها بالمعروف ، أو يسرحها بإحسان، وحيث إن المرأة رضيت بإسقاط حقها من المعاشرة فلا حرج عليك في ذلك، لقول الله تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128].
قال العلماء: نشوز الزوج هنا هو كراهيته لها، فأباح الله له إمساكها على المكره لها، وله ولها أن يصالحا في ذلك بأن تسقط عنه المبيت أو الوطء أو غيرهما.
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: يجوز للمرأة بذل قسمها ونفقتها وغيرهما ليمسكها "زوجها" ولها الرجوع لأن حقها يتجدد شيئاً فشيئاً. انتهى
فإذا رجعت زوجتك عن إسقاط حقها فلها ذلك، فإن لم ترجع عنه فالذي ننصحك به هو لك أن لا تنساها كلية بل تزورها وتعاشرها بما يحصنها ولو لم تقسم لها كما تقسم لزوجتك الأخرى إن كانت لك زوجة غيرها.
والله أعلم.