عنوان الفتوى :

مدة قراءة السؤال : 9 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيمإلى علماء الملة البيضاء حفظكم الله من شرور الأعداء ما دامت الأرض والسماء. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: فأرجو من حضرتكم أن تفتونا في هذه المسائل هل هي صحيحة أم هي من عقائد المشركين والمبتدعين وأجركم على الله سبحانه.أيها العلماء الكرام لقد طبعت في بلادنا (الباكستان) رسالة تسمى بتذكرة صاحب مبارك (اسمه عمر شاه) وقل آبا (اسمه فضل حق) وذكر صاحب الرسالة كرامات أجداده وقال فيها:1)كان صاحب مبارك غوث الزمان ومجدد الملة، وقد كسرت رجل بقرة في جبل فدعا ببركته فصحت البقرة وقامت، فلما ذبحت لإيصال الثواب في البيت رأي في داخل الجلد مسمار خشب فتحير صاحبها، لأن هذا من عمل صاحب مبارك (يعني هذه العملية من كرامات صاحب مبارك). 2)ضلت إبل أحد فدعا بكرامته فجاءت الإبل، ولما حضر هذا الرجل إلى صاحب مبارك فسئل عنه صاحب مبارك هل جاءت الإبل فقال: نعم. 3)كان صاحب مبارك يصلي في موضعه كربوغة شريفة ثم يدخل الحجرة ويغلق الباب ثم يذهب من داخل الحجرة إلى قتال الشيوعيين بطريق الكرامة.4)قال صاحب مبارك لرجل (من اتباعه): ليلة الجمعة نحن نذهب إلى روضة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج من الحجرة فجاءت عصا من السماء فأخذها بيده فصار لابسا للباس الأخضر وطار في الهواء ثم جاء قبل أذان الصبح ونزل من الجدار ودخل الحجرة. 5)وجاء فيهاه أنه مسح يوماً حجراً باليد فصار ذهباً وأعطاه لرجل. 6)لما أراد تعمير المسجد قال لابنه أرفع هذا الحجر فصار ذهباً. 7)جاء رجل إلى زيارته فطلب منه الدعاء ولما رأى بأنه حلق لحيته وخالف السنة دعا عليه وقال أهلكك الله فمات بعد ثلاثة أيام.8)وجاء فيها أنه منع زراعة التنباك فخالف رجل حكمه وزرع التنباك فقال صاحب مبارك يا الله حرق بيته فحرق بيته. 9)أنه جلس يوماً في المجلس فتحرك فما لبث حتى شرع بعصر كمه لأن رجلاً ضرير البصر أراد زيارته من بعيد وسقط من الجسر إلى البحر فدعا إليه بغوث الزمان فأخرجه من البحر وأوصله إلى موضعه كربوغة شريفة ولذا ابتل كمه لأنه أدخل يده لإخراج ضرير البصر من البحر. 10)قال رجل ذهبت مع امرأتي لصاحب مبارك للدعاء ثم خرجنا من كربوغة شريفة بعد سبعة أيام نريد السفر إلى بومبي (الهند) وكنا في البيداء فلحق بنا الجوع فشرعت في صلاة المغرب حتى جاء رجل في ثياب بيض ووضع الطعام ولما أكملت الصلاة سألت عنه امرأتي فقالت جاء رجل في ثياب بيض وغاب ولما رأيت الطعام كان عليه رداء صاحب مبارك وهذا من كراماته. 11)جاء مرة جراد كثير حتى كان على السنبلة الواحدة من خمسين إلى ستين فأشتكى الناس إلى صاحب مبارك وقال لهم أنها ضيوف الليلة ولا تأكل السنابل فلما اصبحوا ذهب بعضها وأراد بعضها الذهاب. وهذه من كرامات صاحب مبارك عمر شاه. 12)أراد رجل من اتباعه جماع زوجته في حالة الحيض لكن لما نام رأى قل آبا (فضل حق) في النوم فرفع عليه يده وزجره وقال له: أضربك على وجهك فخاف وترك الجماع مع زوجته في حالة الحيض، وكان بعيداً بمراحل عن كربوغة شريفة.13)أراد رجل اختباره فوضع في يده دراهم مزيفة فعلم بما في يده من الدراهم المزيفة. 14)وكان قل آبا يخبر (بعد وفاته) أحباءه من الأعداء بطريق الكرامة. 15)وقد علم بسقوط السقف ولذا أخرج الستائر. 16)وكان يعلم بما أراد أحباؤه في القلوب بأنه يريد كذا وكذا.17)وهو يخبر أحبائه من الحوادث التي ستقع.وكذلك ألف صاحب هذه الرسالة كتاباً آخر يسمى بالدر الكنون وقال فيه: - أما ما روى الإمام البخاري ومسلم عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المدينة حرام ما بين عير إلى ثور....إلى آخر الحديث) لا يصح منه الاستدلال لأن فيه الأعمش يروي بعن وهو مدلس، وفي سند آخر حفص بن غياث قد ساء حفظه. - وقال في هذا الكتاب تجصيص القبور وبناء القبة عليها كلها جائز، وأما قول الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر أو يبني عيه فهو مروي بثلاث أسانيد كلها معلول: أما السند الأول ففيه حفص بن غياث قد ساء حفظه بحوالة سير أعلام النبلاء 9/22 وكذلك فيه ابن جريج وقد تمتع بسعين امرأة ميزان الاعتدال 2/659، وكذلك فيه محمد بن مسلم ابو زبير المكي مدلس. وأما السند الثاني ففيه أيضا ابن جريج وأبو الزبير. وأما حديث أبي الهياج الأسدي وفيه: (ألا تدع قبرا مشرفاً إلا سويته) ففيه حبيب بن أبي ثابت كان مدلساً وهاهنا يروي بعن، وأما ما روى مسلم بان ثمامة يقول كنا مع فضالة بن عبيد بارض الروم... الخ فأمر فضالة بقبره فسوي... الخ، ففي سنده عبد الله بن وهب وفي اسمه اختلاف كما في تقريب التهذيب، وقد رد على جميع الأحاديث التي فيها نهي عن تجصيص القبور أو فيها تسوية القبور، وقال وقد بني القباب على قبور الأنيباء عليه السلام والصحابة رضي الله عنهم بحوالة البداية والنهاية 13/291 والنجوم الزاهرة 7/194 وفاء الوفاء 3/105-106 سير اعلام النبلاء 2/97-412 وتهذيب تاريخ دمشق 5/46 وتهذيب الأسماء واللغات 1/301-733 ووفيات الأعيان 5/414 والمنتظم لابن الجوزي 17/72 وغيرها. - وأما ختم القرآن لإيصال الثواب والأجر عليه فجائز، وهو معهود في بلادنا إذا مات أحد فبعد دفنه يقرأ الحفاظ القرآن الكريم وصاحب البيت يعطي لهم الأجرة ويطعمونهم ويقولون أنه إكرام وليس بأجرة. - وأما حيلة الإسقاط بعد صلاة الجنازة فهي جائزة، وهي طريقة في بلادنا بأن الناس إذا فرغوا من صلاة الجنازة يجمع علماء المسجد فيوضع أمامهم الظروف المملوءة بالحنطة والأرز وغيرهما ويوضع فوقها القرآن الكريم والدراهم فيقول إمام الحي واضعاً يديه على هذه الأشياء كل حق من حقوق الله لزم بذمة الميت... الخ ثم يرفع يديه ويقول لإمام الآخر وهبت لك ثم يقول الإمام الثاني والثالث... الخ حتى يكملوا ثلاث مرات. - وقال فيه الدعاء بالهيئة الاجتماعية ثلاث مرات بعد أداء السنن للإمام والمأمومين جائز.- وقال فيه صلاة القضاء العمري التي يؤدونها في آخر جمعة من شهر رمضان جماعة جائزة. - وأما تخصيص سورة الملك بليلة الجمعة وكذلك تخصيص سورة الروم والعنكبوت بليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان فكله جائز.- وكذلك أربع ركعات صلاة الاحتياطي بعد أداء صلاة الجمعة لأجل الشك في جواز الجمعة جائز.- وكذلك يقول: بجواز اتخاذ الضيافة من أهل الميت في اليوم الأول والثاني والثالث ويقول إن الإمام طاوس يقول أن الموتى يفتنون في قبورهم فكانوا يستحبون أن يطعم عنهم كنا في حلية الأولياء 4/11 وصفة الصفوة 2/19 والمطالب العالية 1/991 وغيرها. فأيها العلماء الكرام أفتونا وأجركم على الله سبحانه وتعالى هل من يعتقد الأمور المذكورة من رقم 1 إلى 17 في حق الأولياء الكرام بطريق الكرامات، وكذلك يقول بجواز الأمور الأخرى بعد رقم 17 هل هو يسمى بمتبع السنة أي أنه من أهل السنة والجماعة أو يسمى بالمبتدع والمشرك؟بينوا بالدليل وأجركم على الله تعالى.

مدة قراءة الإجابة : 29 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فبعد إطلاعنا على ملخص الرسالة المسماة (بتذكرة صاحب مبارك) والرسالة المسماة بالدر المكنون وجدناهما رسالتين باطلتين حشيتا بعقائد الكفر والشرك والضلال، وبالبدع والخرافات، وبالجرأة الوقحة على رد أحاديث صريحة في تحريم البناء على القبور، وفيما يلي نبين لك بعض ما رود فيهما:
أولاً: الأمور السبعة عشر المذكورة على أنها كرامات منسوبة لمن يدعى (غوث الزمان صاحب مبارك) ليست بكرامات على الحقيقة، ولو صحت نسبتها إليه وأنها صدرت منه، وذلك لأن الكرامة أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على يد رجل صالح وليّ لله عز وجل، ولا يكون الرجل صالحاً ولياً لله تعالى إلا بشرطين هما: الإيمان، والتقوى، لقوله سبحانه وتعالى: )أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63].
فمن كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً، وهذا الرجل ليس بولي لله، بل هو وليٌ للشيطان لأنه نسب إليه -كما ورد في السؤال- أمور كفرية مثل ادعائه علم الغيب، وأنه يعلم ما في القلوب، واستعماله للسحر كما في أدعى أنه صيّر الحجر ذهباً، ونحو ذلك.
وللسائل وغيره ممن يقرأ هذا الجواب الإطلاع على كتاب قيم في بابه لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يسمى: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
وكيف يكون هذا الرجل ولياً مع مخالفته لأصل الدين وهو التوحيد، ومخالفته للشريعة والسنة، ووقوعه في البدعة؟
ولو صح أنه كان يصدر منه أمور خارقة للعادة مثل الطيران في الهواء، وإنقاذ غريق استغاث به وهو بعيد فأخرجه بكمه من الماء، ودعوته على صاحب مزرعة تنباك فاحترق منزله، فإنما ذلك استدراج من الله تعالى له ولاتباعه الذي يدعونه من دون الله، ويتوسلون به، ويدّعون فيه علم الغيب، وإخباره لهم بعد وفاته، قال تعالى: قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً [مريم:75]. وقال تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ [الأعراف:182].
فليس كل ما يظهر من أي إنسان من خوارق العادات يعد كرامة، فالعلماء بينوا أنه خوارق العادات خمسة أقسام:
-المعجزة، وتجري على أيدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
- الكرامة، وتجري على يد الرجل الصالح المتقيد بالكتاب والسنة.
-الاستدراج، وهو الخارق الذي يحدث وفقاً لمراد الرجل الكافر أو الفاسق مثل: السحرة، ومدّعى الولاية من المشركين والقبوريين ونحوهم.
-الإهانة، وهي الخارق الذي يجري على يد الكافر أو الفاسق بعكس مراده كمن أمر السماء أن تمطر غيثاً فامطرت حجارة، ومثل بصق مسيلمة الكذاب على عين رجل أعور فعارت عينه الصحيحة.
-الإعانة (أو المعونة) وهي الخارق الذي يجري على يد مستور الحال الذي لا يعلم صلاحه ولا عكسه.
واعلم أن من دعا الناس إلى عبادة نفسه، أو عُبِد من دون الله وهو راض فهو من رؤوس الطواغيت الخمسة الذين ذكرهم العلامة ابن القيم رحمه الله، فيمتنع أن يكون ولياً لله تعالى فلا يعتبر بما يكون منه من خوارق العادات ولا تسمى حينئذ كرامات.
ثانياً: أما تجويزه البناء على القبور واتخاذ القباب عليها، فهو يدل على أن الرجل قبوري ممن يعظم القبور، ويعتقد في الأموات الضر والنفع، وهذه مسألة طويلة الذيل، ولا نعلم من جوز البناء على القبور إلا أصحاب الأهواء والبدع، وما نقله من بعض المصادر التاريخية كالبداية والنهاية، وسير أعلام النبلاء، وتهذيب تاريخ دمشق، والنجوم الزاهرة، ووفاء الوفاء، والمنتظم، وغيرها مما يثبت أن الأبنية قد اتخذت على قبور بعض الأنبياء عليهم السلام والصالحين لا يدل ذلك على الجواز، فإن ذلك مجرد حكاية عن فعل أناس جهلة ليسوا بمعصومين، كما حكى الله تعالى عن قوم أصحاب الكهف: قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً [الكهف:21].
ولم يفعل ذلك الأنبياء، ولم يأمروا به، وكذلك لم يفعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حجة في فعل من بعدهم، لا سيما وأن أهل العلم من التابعين والأئمة المتبوعين وغيرهم كانوا ينهون عن ذلك أشد النهي، ونحيلك إلى كتاب جيد في هذا الموضوع للعلامة الألباني رحمه الله عنوانه: تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد.
ومما يؤكد قبورية هذا المفتري اجتراؤه على الطعن في الأحاديث الناهية عن البناء على القبور وتجصيصها، وهي في الصحيحين وتضعيفها في الرسالة المسماة (بالدر المنكون)، وملخص ما ورد في السؤال من العلل التي زعم أنها تضعف هذه الأحاديث لم نجد فيه ما يصلح للنقد الذي يستوجب الرد لهذه الأحاديث.
وفيما يلي نرد على هذا المفتري الإثيم الطاعن في السنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بردّين أحدهما مجمل والآخر مفصل:
فأما المجمل: فإن أحاديث الصحيحين تلقتها الأمة بالقبول، ولم يُطعن إلا في أحاديث يسيرة منها، انتقدها بعض الحافظ كالدارقطني ورد عليهم كثير من جهابذة الحديث مثل: الحافظ ابن حجر العسقلاني في (هدى السارى مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري)، والإمام النووي في مقدمه لشرح صحيح مسلم.
قال النووي في المقدمة المذكورة (1/30): اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب عدا القرآن العزيز الصحيحان: البخاري ومسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول.
ونقل بعد ذلك في ص 38 قول ابن الصلاح في علوم الحديث: قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله: جميع ما حكم مسلم رحمه الله بصحته في هذا الكتاب فهو مقطوع بصحته، والعلم النظري حاصل به في نفس الأمر، وهكذا ما حكم به البخاري في صحته في كتابه، وذلك لأن الأمة تلقت ذلك بالقبول سوى من لا يعتد بخلافه ووفاقه في الإجماع.
وكون الأحاديث التي في الصحيحين تفيد العلم اليقيني الموجب للعمل لا الظن هو ما حققه ابن الصلاح ورجع إليه وحققه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير والبلقيني والسيوطي وغيرهم، بل هو مذهب السلف وأهل الحيدث قاطبة كما حكى ذلك السيوطي في تدريب الرواي خلافاً لجمهور المتكلمين والذين كان متقدموهم على قول أهل الحديث من أن أحاديث الصحيحين وغيرها مما صح تفيد العلم ولو ثبتت عن طريق الآحاد كما حقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية واتفق علماء مصطلح الحديث في تقسيمهم للحديث الصحيح إلى مراتب على أن أصح الأحاديث واعلاها مرتبة هي ما اتفق عليها البخاري ومسلم، ثم ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم، ثم ما كان على شرط البخاري، ثم ما كان على شرط مسلم، ثم ذكروا المراتب الأخرى، اللهم إلا من قدم مسلماً على البخاري من المغاربة وليس قولهم بسديد كما حققه ابن الصلاح وابن حجر والنووي والسيوطي وابن كثير وغيرهم.
ولذلك شنع العلماء على من تكلم في أحاديث الصحيحين على قلة ما تُكلم فيه، وشددوا عليه النكير، وصاحوا به من كل جانب كما فعلوا بابن حزم في تضعيف حديث الملاهي عند البخاري، وانظر مقدمة ابن الصلاح ومختصره لابن كثير وألفية العراقي وغيرها.
أما الرد المفصل فهو أن يقال: الأحاديث التي ضعفها هذا المفتري الأثيم ببعض العلل أحاديث بعضها في غاية الصحة، ومن له أدنى إلمام بالحديث وعلومه يعلم أن هذا المجترئ على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له أدنى مسكة من علم أو عقل أو دين، وأن الحامل له على القول بتضعيفها إنها هو الهوى والتعصب لما هو عليه من القبورية المقيتة نصراً لعقيدته الباطلة.
فلو أنه بحث -لو كان من أهل البحث- حتى في الصحيحين أنفسهما لوجد أن ما أدعاه عللاً لا يصلح أن يكون كذلك، وأكثر ما اتكأ عليه في تضعيفه هو عنعنة بعض الثقات المدلسين مثل الأعمش وأبى الزبير.
وإليك منهج أهل العلم في التعامل مع عنعنة المدلسين وقولهم فيما عُنعن من ذلك في الصحيحين.
قال الإمام النووي في مقدمته لشرح صحيح مسلم (1/33): اعلم أن ما في الصحيحين من المدلسين بعن ونحوها فمحمول على ثبوت السماع من جهة أخرى، وقد جاء كثير منه في الصحيحين بالطريقين جميعاً فيذكر رواية المدلس بعن ثم يذكرها بالسماع، ويقصد به هذا المعنى الذي ذكرته.
وقال في موضع آخر (1/175) عند شرحه لحديث فيه عنعنة الأعمش: وقول الأعمش عن سفيان مع أن الأعمش مدلس والمدلس إذا قال (عن) لا يحتج بحديثه إلا أن يثبت سماعه من جهة أخرى، وقد قدمنا في الأصول، وفي شرح المقدمة أن ما كان في الصحيحين عن المدلسين بعن فمحمول على ثبوت سماعهم من جهة أخرى. والله أعلم.
ومعلوم أيضاً عند أهل العلم بالحديث أن البخاري ومسلماً لا يخرجان حديثاً لمن فيه كلام من جهة حفظه وضبطه كالذي يخطئ أحياناً إلا في المتابعات لا في الأصول.
فإذا تقرر ذلك، فلنتكلم على كل حديث من هذه الأحاديث الي انتقدها ذلك المفتري بلا حجة ولا برهان، فنقول:
الحديث الأول: "المدينة حرم ما بين عير إلى ثور..." متفق عليه عن عليّ أخرجه البخاري برقم: 1737 و6258 و 6756 عن عليّ رضي الله عنه، ورقم: 1734 عن أنس رضي الله عنه.
وأخرجه مسلم برقم: 2433 و 2774 عن عليّ رضي الله عنه، وبرقم: 2434 عن أبي هريرة كما أخرجه أحمد أيضاً برقم: 581 كلهم من طريق الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه.
والإسناد الذي أشار إليه ذلك الجاهل المغرض هو قول البخاري رحمه الله برقم: 6258 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: قال علي رضي الله عنه: ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله غير هذه الصحيفة، قال: فأخرجها، فإذا هي أشياء من الجراحات وأسنان الإبل قال: وفيها: المدينة حرم ما بين عير إلى ثور من أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يُقبل منه صرف ولا عدل، ومن ولى قوماً بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل، وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل.
فهذا إسناد فيه عنعنة الأعمش وهو مدلس، ولكنه جاء في البخاري نفسه مصرحاً فيه بالتحديث برقم: 6756 قال البخاري: حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبى حدثنا الأعمش حدثنى إبراهيم التيمي حدثنى أبي قال: خطبنا عليّ رضي الله عنه على منبر من آجُرّ، وعليه سيف فيه صحيفة معلقة، فقال: والله ما عندنا من كتاب يُقرأ إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة فنشرها، فإذا فيها أسنان الإبل، وإذا فيها: المدينة حرم من عير إلى كذا...، فذكر الحديث نفسه.
فكيف لمدّعٍ أن يتكلم في سند حديث لم يجمع طرقه ورواياته ثم يحمله الهوى على الطعن في شيخ البخاري في الرواية المصرح فيها بالسماع وهو عمر بن حفص بن غياث ذكره بحفص بن غياث وهو رجل آخر ليس في شيء من طرق الحديث عن البخاري فلعله يعني عمر بن حفص بن غياث ، وعمر هذا ثقة، وثقة أحمد وأبو حاتم وأبو زرعه والعجلى وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ربما يخطئ، ولخص الحافظ ابن حجر القول فيه كما في تقريب التهذيب (2/59) بأنه ثقة ربما وهم، ومما يدل على عدم خطئه في هذا الحديث أن البخاري رواه عن محمد بن بشار وقتيبة بن سعيد فسلم الحديث بحمد الله من احتمال الخطأ، ثم إن الأعمش مأمون تدليسه في حالتين غير التصريح بالسماع أولاهما: إذا عنعن عن شيوخ له، أكثر الرواية عنهم.
وأخراهما: إذا روى عنه شعبة.
فأما الحالة الأولى فقال عنه الذهبي في الميزان (2/224): وهو يدلس وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به فمتى قال: حدثنا فلا، ومتى قال: عن تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم كإبراهيم وأبي وائل وأبي صالح السمان فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال.
وأما الحالة الثانية، فقد قال شبعة كما في فتح الباري (4/85): كفيتكم تدليس ثلاثة: قتادة والأعمش وأبى إسحاق السبيعي.
وقد جاء هذا الحديث في بعض طرقه خارج البخاري عن شعبة عن الأعمش عن علي بن سويد عن علي به كما ذكره الدارقطني في العلل (4/153): وليس هذا الحديث من الأحاديث التي انتقدها الحافظ الدارقطني على البخاري.
فنقول لهذا المتطاول على السنة من سلفك في تضعيف هذا الحديث؟ ومن أنت أيتها النكرة حتى تخرق إجماع أهل الحديث؟! وعنعنة الأعمش كثيرة في الصحيحين مما يدل على اتصال أحاديثه عندهما، ففي البخاري: الأعمش عن سالم وعن مسلم وعن إبراهيم (النخعي) وعن عمرو وعن مجاهد وعن محارب وعن أبى صالح وعن عمارة وعن الربيع وعن أبى ميسرة وفي مسلم: الأعمش عن شقيق وعن عمرو بن مرة وعن خيثمة وعن أبي سفيان وعن إبراهيم وعن المسيب بن رافع وغيرهم.
الحديث الثاني:
حديث جابر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُخصص القبر وأن يُعقد عليه وأن يُبنى عليه.
أخرج مسلم برقم: 1610 والنسائي برقم: 2000 وأحمد: 13634 عن جابر، وأحمد برقم: 25344 عن أم سلمة رضي الله عنها وفي سنده عنها ابن لهيعة ضعيف من قبل حفظه.
وأعلّ هذا المجترئ الحديث بثلاث علل: أن ابن جريج تمتع بسعين امرأة!.
وأن في الحديث عنعنعة ابن الزبير عن جابر وأن حفص بن غياث ساء حفظه.
أما كون ابن جريج تمتع بسعين امرأة فلا يقدح في عدالته، لأنه كان يرى الرخصة في ذلك وهو ثقة فقيه فاضل كما قال ابن حجر في تقريب التهذيب (1/482)، ولو أن هذا المدلس نقل كلام الذهبي عنه في ميزان الاعتدال (4/404) كاملاً لعرف ذلك، ولا شك أنه وقف عليه ولكن كتمه لحاجة في نفسه معلومة، فقد قال الذهبي هناك: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أبو خالد الملكي أحد الأعلام الثقات، يدلس، وهو في نفسه مجمع على ثقته، مع كونه قد تزوج نحواً من سبعين امرأة نكاح المتعة كان يرى الرخصة في ذلك، وكان فقيه أهل مكة في زمانه....
وبقى احتمال تدليسه وإرساله، فقد رواه مسلم عنه بالعنعنة حيث قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر به، ولكن أُمِنَ تدليسه، وكذلك تدليس أبي الزبير عن جابر بتصريحهما بالتحديث والسماع في الطريقين التاليين اللذين ذكرهما الإمام مسلم بعد الإسناد الذي تكلم فيه هذا المدلس الجهول! قال مسلم: وحدثنى هارون بن عبد الله حدثنا حجاج بن محمد وحدثنى محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق جميعاً عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
وأما حفص بن غياث فصحيح أن حفظه ساء وهو ثقة ثبت إذا حدث من كتابه كما قال يعقوب بن أبي شيبة وكما قال يحيى القطان ثقة كتابه صحيح، فما يدري هذا الجاهل أن حفصاً حدث من كتابه أم حدث من حفظه، وعلى كلتا الحالتين، فإنه لم يخطئ في هذا بدلالة أنه تابعه على روايته عن ابن جريج حجاج بن محمد وعبد الرزاق كما تقدم، وللحديث طرق أخرى كلها عن أبى الزبير أنه سمع جابراً مخرجه في أبى داود 3225 والنسائي (1/285) والترمذي (1/196) والحاكم (1/370) والبيهقي (4/4) وابن أبى شيبة (4/134، 136، 137).
الحديث الثالث:
حديث أبى الهّياج الأسدي رواه مسلم (1609) بإسناده إلى حبيب بن أبى ثابت عن أبى وائل عن أبى الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.
وأعلّ هذا الحديث بعنعنة حبيب بن أبي ثابت وهو من المدلسين وهذا صحيح، ولكن ينبغي استصحاب الأصل العام الذي نص عليه النووي في المقدمة وهو أن ما روي في مسلم بالعنعنة، فهو محمول عنده على الاتصال، ولعل له طريقاً أخرى وقف عليها مسلم وقد تكون هذه الطريق خارج الصحيح.
وروايات هذا الحديث عند مسلم لم يصرح فيها حبيب بالسماع من أبى وائل وكذلك أخرجه بالعنعنة المذكورة أحمد (96-1/128) والنسائي (4/88) وأبو داود (3/215) والترمذي (3/366) والبيهقي (4/3) والنسائي في الكبرى (1/653) وأبو يعلى (1/524).
ولكن للحديث متابعة، فقد تابع حبيباً الأعمش عن أبى وائل رواه الطبراني في الأوسط (4/268).
وللحديث طرق أخرى ذكرها الدارقطني في العلل (4/173 فما بعدها).
الأولى: النضر بن إسماعيل عن معمر عن جابر عن الشعبي: استعمل أبا الهياج.
الثانية: أبو حماد الحنفي عن أبي إسحاق السبيعي عن أبى الهياج.
الثالثة: يونس بن خباب وسيار أبو الحكم عن جرير بن حيان عن أبيه عن على.
بل وصححه الإمام الدراقطني هناك حيث قال (4/177) وما رواه يحيى بن سعيد القطان وابن مهدى ومن تابعهما وهو الصحيح: حدثنا عبد الله بن محمد البغوى حدثنا محرز بن عون بن أبى عون قال: ثنا حسان بن إبراهيم عن خالد ابن الحارث عن سفيان بن سعيد قال: أنا حبيب بن أبى ثابت عن أبى وائل عن ابى الهياج عن عليّ قال: أبعثك على ما بعثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته، ولا تمثالاً في بيت إلا طمسته.
وحسبك بتصحيح الدراقطني، وحسنه الترمذي، وكذا صحح الحديث غير واحد من أهل الدراية حيث ذكروه في كتبهم منهم المحتج به كابن حزم في المحلى، ومنهم المخرج له الساكت عنه كابن حجر في التلخيص الجبير، والزيلعي في نصب الراية، كما صححه من المحدثين المعاصرين الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه للمسند والعلامة الألباني في إرواء الغليل (3/209، 210)، وصحيح الجامع، وصحيح الترمذي والنسائي وأبى داود وأورد له في الإرواء أربعة شواهد، اثنان صحيحان والآخران ضعيفان، والشاهدان الصحيحان أحدهما حديث فضالة بن عبيد عن مسلم الآتى، والثاني عند أحمد (1/145، 150) وابن أبى شيبة (4/139) عن أشعث بن سوار عن ابن أشوع عن حنش بن المعتمر أن علياً رضى الله بعث صاحب شرطته، فقال: "أبعثك كما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته ولا تمثالاً إلا وضعته".
فالحديث صحيح، ولا يقدح فيه عنعنة حبيب بن أبى ثابت التي لم يعدها قادحاً كل من روى الحديث من الأئمة الحافظ ممن سمينا وممن لم نسمّ.
الحديث الرابع: حديث فضالة بن عبيد الذي رواه مسلم برقم: 1608 أن تمامة بن شفى حدثه قال: كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برؤُدِس فتوفى صاحب لنا فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوّى ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها.
أعله هذا المفترى بأن ابن وهب مختلف في اسمه! وعزا هذا القول للتقريب، وبنظرنا في تقريب التهذيب (1/430) الترجمة رقم (4099) وجدناه يقول: عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم ابو محمد المصري الفقية ثقة حافظ عابد من التاسعة مات سنة سبع وتسعين، وله اثنتان وسبعون سنة يعنى روى له الجماعة، وأما الاختلاف المزعوم في اسمه فلم أجده لأحد ممن ترجم له، وانظر تهذيب الكمال (16/278) ولسان الميزان (2/273)، وتذكرة الحفاظ (1/304-305)، ومما يؤكد أن ابن وهب المذكور في السند هو عبد الله بن وهب بن مسلم أن من شيوخه عمرو بن الحارث ومن تلاميذه أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمر، وبن السرح شيخ مسلم، وأثبت كل من ذكر أن من تلاميذه وشيوخه من ذكرنا أثبت أن اسمه عبد الله بن وهب بن مسلم. للتمثيل فقط ينظر تهذيب الكمال وتذكرة الحافظ في الموضعين السابقين، ثم إنه لو ثبت الاختلاف في اسمه، فإنه لا يضر ما دامت عينه معلومة وهو ثقة، وقد اختلف الناس في اسم أبي هريرة إلى سبعة عشر قولاً وفي أسماء كثير من الصحابة وغيرهم.
وبعد هذا البيان وضح أن لا مطعن في شيء من الأحاديث التي اجترأ عليها ذلك القبوري فضعفها جميعاً بلا حجة إلا الهوى والتعصب والله المستعان.
ثالثاً: ما ورد في الاستفتاء عن بعض الأمور التي جوزها هذا المبتدع المتعالم مما يسمى بحيلة الإسقاط بعد صلاة الجنازة، والدعاء الجماعي ثلاثاً بعد السنن، وصلاة أربع ركعات بعد الجمعة احتياطاً، وصلاة القضاء العمري، وتخصيص ليلة الجمعة بقراءة سورة الملك، وكذا تخصيص العنكبوت والروم بليلة ثلاث وعشرين، واتخاذ الضيافة للميت ثلاثة أيام، كل ذلك من البدع المحدثة التي لا نعلم فيها سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الابتداع في الدين في كثير من الأحاديث عمدتها قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه من حديث عائشة.
ولمسلم عنها: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد.
ولا أعجب ممن يرد الأحاديث الصحيحة، ثم يثبت العبادات والقربات بالأحاديث الواهيات أو بمجرد الاستحسان والتشهي.
أما ختم القرآن للميت، وإهداء ثوابه له، فالمسألة محل خلاف بين الفقهاء، فقد منع من ذلك مالك في المشهور عنه والشافعي واحتجوا بالآية الكريمة وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [لنجم:39].
وأجاز ذلك أبو حنيفة وأحمد وبعض الشافعية، ومن وافقهم وهو الراجح إن شاء الله، لأن الميت يصله ثواب أعمال لم يعملها كالصدقة بالإجماع كما نقله مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن المبارك فهو لا يتسحق إلا عمله، ولكن لو عمل إنسان عملاً صالحاً كقراءة القرآن، فإنه ملك ثوابه بإذن الله، فإذا ملك الثواب، فله أن يهديه لمن شاء.
أما الصفة المذكورة في السؤال من اجتماع الناس للقراءة، وأخذ الأجرة على ذلك - مهما سُميت_ فإنه بدعة ضلالة فلا يجوز فعلها.
وأخيراً: هل يسمى هذا الرجل الذى ألف الرسالة المسماة بـ (تذكرة صاحب مبارك) أو رسالة (الدر المكنون)، هل يسمي بمتبع السنة؟ وهل هو من أهل السنة والجماعة؟ فنقول: إن صح النقل المسؤول عنه عن هذا الرجل، فإنه ليس من أهل السنة والجماعة ولا الكرامة، بل هو مبتدع ضال مضل أعاذ الله المسلمين من فتنته وضلاله، ولكن يبقى الحكم بتكفيره متوقفاً على شروط التكفير وموانعه، ومثل هذا تقام عليه الحجة من أحد العلماء الذين لهم اتصال به، ومعرفة بمؤلفاته حتى يناظروه ويناصحوه ويقيموا عليه الحجة، فإن تاب ورجع عن المكفرات الواردة في كتبه، فالحمد لله، وإلا فهو مشرك كافر والعياذ بالله.
نسأل الله لنا وله ولكم ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق لما يحب ويرضى، ونرجو إرسال أصل هاتين الرسالتين لعله يتيسر لنا الرد عليها، فيكون فيه نفع للمسلمين خاصة في بلادكم (باكستان).
والحمد لله رب العالمين.
والله أعلم.