عنوان الفتوى : أمور وأحكام تراعى عند الإقدام على الزواج

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

سؤال من شاب صيني: تعرفت على فتاة وأريد الزواج بها، ولكن ليس لدي أي علم عن أحكام النكاح في الشرع، فأخشى أن أقع في الخطإ والعصيان، فأريد أن أعلم ماذا على في مثل هذه الحالة؟ وكيف أخطبها على طريق الإسلام؟ لأني جاهل بأحكام الشرع، فأرجو الجواب بالتفصيل مع الأدلة حتى أستفيد أنا وغيري من أمثالي. جزاكم الله خيرا.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فمن أراد الإقدام على الزواج فإنه ينبغي له أمور منها:

أولا: الدعاء فيسأل الله أن ييسر له الزوجة الصالحة، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}

ثانيا: أن يحسن الاختيار ويتحرى ذات الدين والخلق، فيسأل عنها الثقات ممن يعرفونها، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على المرأة الدينة الخلوقة فقال: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه. ولا بأس بأن يطلب مع ذلك الجمال ونحوه من الصفات التي يرغب فيها الرجل عادة، ولكن ليكن الدين هو الأساس.

ثالثا: أن يتقدم لخطبتها من وليها، وله النظر إليها، روى أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه عن المغيرة بن شعبة ـ رضي الله عنه ـ أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما. فإذا رغب في الزواج منها فليستخر الله تعالى فيها، ليختار له الخير، فإن الله أعلم بعواقب الأمور، وكيفية الاستخارة مضمنة في الفتوى رقم: 25038.

رابعا: الزواج له أركانه وشروطه التي لا يتحقق إلا بها، ومن أهمها الولي والشهود، وللمزيد يمكن مطالعة الفتوى رقم: 1766.

خامسا: وتسن الوليمة وهي صنع الطعام ودعوة الناس إليه، قال ابن قدامة في المغني: لا خلاف بين أهل العلم في أن الوليمة سنة في العرس مشروعة، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها وفعلها. فقال لعبد الرحمن بن عوف، حين قال: تزوجت؟ أولم ولو بشاة... إلى أن قال: وليست واجبة في قول أكثر أهل العلم. اهـ. والأفضل فعلها بعد الدخول، جاء في مغني المحتاج وهو في الفقه الشافعي: والأفضل فعلها بعد الدخول لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يولم على نسائه إلا بعد الدخول. اهـ.

سادسا: يستحب إعلان النكاح، والضرب عليه بالدف، فقد قال ابن عباس: زوجت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أهديتم الفتاة؟ قالوا: نعم. قال: أرسلتم معها من يغني؟ قالت: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الأنصار قوم فيهم غزل فلو بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم. والحديث حسن أخرجه ابن ماجه.

سابعا: يستحب للزوج إذا دخل على امرأته ليلة الزفاف أن يدعو بما ورد في السنة: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه. رواه أبو داود. ويمكن الاطلاع على آداب الجماع عموما في الفتوى رقم: 3768.

وننبه في الختام إلى وجوب الحذر من العلاقات العاطفية خارج إطار الزواج الصحيح، فإنها شر وبلاء وذريعة إلى الفساد وانتشار الفواحش، وتراجع الفتوى رقم: 30003.

كما ننبه السائل إلى أن المكلف يجب عليه تعلم أحكام دينه، ولا يجوز له الإقدام على فعل حتى يعلم حكم الله فيه، قال الأخضري المالكي في مقدمته: ولا يحل له أن يفعل فعلا حتى يعلم حكم الله فيه، ويسأل العلماء، ويقتدي بالمتبعين.

وقال القرافي في الفروق عند الفرق الثالث والتسعين: اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْغَزَالِيَّ حَكَى الْإِجْمَاعَ فِي إحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ، وَالشَّافِعِيَّ فِي رِسَالَتِهِ حَكَاهُ أَيْضًا فِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى فِعْلٍ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ، فَمَنْ بَاعَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا عَيَّنَهُ اللَّهُ وَشَرَعَهُ فِي الْبَيْعِ، وَمَنْ آجَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْإِجَارَةِ، وَمَنْ قَارَضَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقِرَاضِ، وَمَنْ صَلَّى وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ الطَّهَارَةُ وَجَمِيعُ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ. اهـ.
والله أعلم.