عنوان الفتوى : كلام أهل العلم حول حديث : خلق الله التربة يوم السبت...إلخ.

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

كيف أشكل على العلماء، أو ما هو ‏وجه الإشكال عندهم بالضبط في ‏الحديث الذي ورد في صحيح مسلم، والذي أوله: (خلق الله التربة يوم ‏السبت، وخلق الجبال فيها يوم ‏الأحد.) إلخ الحديث. ‏ وقالوا إنه معارض لصريح القرآن، ‏بحجة أن خلق السماوات والأرض ‏في القرآن (في ستة أيام). ‏ فقالوا إن الحديث ذكر أن الله خلق ‏السماوات والأرض في سبعة أيام.‏ ولا نراه كذلك، فإن الحديث صريح ‏أن اليوم السابع الذي هو الجمعة خُلق ‏فيه آدم عليه السلام، وآدم غير داخل ‏في عدّة خلق السماوات والأرض! ‏فهل هذا التخريج صحيح؟ ‏ أم إن التخريج الصحيح، هو أن ‏الحديث ذكر مراحل تطور الخلق ‏على وجه الأرض، أو أن هذه الأيام ‏السبعة، هي غير الأيام الستة التي في ‏القرآن. كما قال الألباني؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيقول الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: ثم في متنه غرابة شديدة، فمن ذلك أنه ليس فيه ذكر خلق السماوات، وفيه ذكر خلق الأرض، وما فيها، في سبعة أيام. وهذا خلاف القرآن؛ لأن الأرض خلقت في أربعة أيام، ثم خلقت السماوات في يومين من دخان. انتهى.

فليس الإشكال في خلق آدم فحسب، ولكن في عدم ذكر خلق السماوات أيضاً، وفي كون ذلك في سبعة أيام.

ولذلك، فقد ضعف الحديث جماعة من النقاد الكبار، كما بينا بالفتوى رقم: 137773، ولعل هذا القول أصح، فهو قول أئمة الفن، وقد اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.

وأما بخصوص خلق آدم - عند القائلين بصحة الحديث، فكما ذكرت، يقول العلامة الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في الأنوار الكاشفة: ويجاب عن الوجه الثاني: بأنه ليس في هذا الحديث أنه خلق في اليوم السابع غير آدم، وليس في القرآن ما يدل أن خلق آدم كان في الأيام الستة، ولا في القرآن، ولا السنة، ولا المعقول أن خالقية الله عز وجل وقفت بعد الأيام الستة، بل هذا معلوم البطلان، وفي آيات خلق آدم في أوائل البقرة، وبعض الآثار ما يؤخذ منه أنه قد كان في الأرض عمار قبل آدم، عاشوا فيها دهرا، فهذا يساعد القول بأن خلق آدم متأخر بمدة عن خلق السماوات والأرض. فتدّبر الآيات، والحديث على ضوء هذا البيان، يتضح لك- إن شاء الله تعالى- أن دعوة مخالفة هذا الحديث لظاهر القرآن، قد اندفعت ولله الحمد. اهـ.

وتأويل الألباني -رحمه الله- مذكور بالفتوى رقم: 190003، وهو ليس ببعيد، ولكن تعليل أئمة الفن للحديث، أولى بالأخذ ممن جاء بعدهم.

ويمكنك مراجعة بعض تأويلات من صحح الحديث في بحث: إزالة الشبهة عن حديث التربة، لعبد القادر بن حبيب الله السندي المنشور بمجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة(49/ 29).

والله أعلم.