عنوان الفتوى : حكم من صدر منه كلام يحتمل الكفر وغيره
ما حكم من يسب دين الأشياء كالورقة، أو المسؤولية...الخ. بعض الناس يستعمل كثيرا كلمة الرب. فما حكمها في هذه المواضع؟ كرهت رب حياتي، كرهت رب فلان، أحضر ربه، لماذا ذهبت إلى ربه...الخ. مع العلم أن ظاهر الكلام لا يقصد الرب، فهو يقصد الشيء، أو الشخص.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فراجع في حكم سب دين الأشياء الفتوى رقم: 77189 ، وسب دين الجمادات سيئ، قبيح، يجب التنزه عنه, فليس المسلم بالفاحش، البذيء.
وأما ما شاع في بعض المجتمعات من تعود الناس على سب الرب تبارك وتعالى، فهو بلية من أشد البلايا، ورزية من أعظم الرزايا.
فإن أهل العلم قديما، وحديثا اتفقوا على أن من سب الله تعالى على أي وجه، كفر سواء كان مازحاً، أو جاداً، أو مستهزئا.
وقد سبق بيان ذلك بالأدلة من نصوص الوحي، وأقوال أهل العلم في الفتويين: 71499، 23340، فنرجو أن تطلع عليهما.
وأما من كان لا يقصد الله تعالى بكلامه، فلا يكفر، فقد ذكر أهل العلم أن من صدر منه كلام يحتمل الكفر وغيره، فهذا لا يحكم بكفره، ما لم يقصد بكلامه الكفر.
قال علي القاري في شرح الشفا: قال علماؤنا: إذا وجد تسعة وتسعون وجهًا تشير إلى تكفير مسلم، ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه، فينبغي للمفتي، والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجًا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو، خير له من أن يخطئ في العقوبة ـ رواه الترمذي، والحاكم. اهـ.
ولكنه يتعين على المسلم أن يحفظ لسانه، وأن يعد نفسه للهرب من النار، والظفر بالجنة بكف لسانه إلا عما تحقق من خيريته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: وإن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها، يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: كف عليك هذا، فقال: يا رسول الله؛ وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي.
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كان يؤمن بالله، واليوم الآخر فليقل خيراً، أو ليصمت.
قال النووي: هذا الحديث صريح في أنه ينبغي ألا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيراً، وهو الذي ظهرت مصلحته. ومتى شك في ظهور مصلحته، فلا يتكلم. انتهى.
والله أعلم.