عنوان الفتوى : طلقني زوجي الطلقة الثالثة، ثم أخذ يشكك في وقوع الطلقة الثانية
طلقني زوجي الطلقة الثالثة، ثم ندم على ذلك، وأخذ يشكك في وقوع الطلقة الثانية، وأنها كانت مشروطة، وأحضر فتوى بعدم وقوعها دون أن يسمع الشيخ القصة من طرفي، وقصة الطلقة الثانية أنه حصل خلاف بيني وبينه، فطلبت منه أن أسافر إلى أهلي، فقام بحجز التذاكر على الكمبيوتر، وقال لي: إن الحجز جاهز، وإذا كبست هذه الكبسة لشراء التذاكر فأنت طالق، فضغطت على الزر، وبعد أيام قال لي: إنه سأل عن هذه الطلقة وأخبره الشيخ أنها طلقة ثانية، ويستطيع إرجاعي، فهل هو صادق فيما يقول؟ وقرأت في بعض الفتاوى أنه بعد الطلقة الثالثة لأي زوج البحث في صحة الطلقات السابقة، فأفيدوني -جزاكم الله خيرًا-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا وقوع الطلاق المعلق بحصول الشرط، سواء قصد الزوج الطلاق أم قصد التأكيد أم التهديد ونحوه، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية ـرحمه الله- ومن وافقه، يرى أنّ الحلف بالطلاق وتعليقه لا بقصد الطلاق حقيقة، بل بقصد التهديد، ونحوه لا يقع بالحنث فيه طلاق، ولكن تلزم الحالف كفارة يمين، وانظري الفتوى رقم: 11592.
فإذا عمل الزوج بقول من أقوال أهل العلم في المسألة، فلا حرج عليه، وبعض العلماء يجيز الرجوع عن التقليد ولو بعد العمل بالقول الأول، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 186941.
وإذا اختلف الزوجان في الطلاق، فالأصل أنّ قول الزوج هو المعتبر، ومحل الفصل في التنازع في مثل هذه المسائل المحكمة الشرعية، فإن لم تكن فالمراكز الإسلامية، لكن إذا تيقنت المرأة أن زوجها أوقع عليها ثلاث تطليقات ثم أنكر الطلاق، أو كان الزوج يقلد مذهبًا في الطلاق والزوجة تعتقد بطلانه، فلا يجوز لها البقاء معه وهي تعتقد أنه قد أبانها بينونة كبرى، بل عليها مفارقته، ففي مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية صالح: وسألته عن امرأة ادعت أن زوجها طلقها، وليس لها بينة وزوجها ينكر ذلك، قال أبي: القول قول الزوج إلا أن تكون لا تشك في طلاقه قد سمعته طلقها ثلاثًا، فإنه لا يسعها المقام معه، وتهرب منه، وتفتدي بمالها.
وجاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: اخْتَارِي، فَقَالَتْ: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي، وَهِيَ تَذْهَبُ إلَى أَنَّ الْخِيَارَ ثَلَاثٌ، وَالزَّوْجُ يَرَاهُ وَاحِدَةً، فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يُبِيحُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُمَكِّنَ الزَّوْجَ مِنْهَا، وَلْتَمْنَعْهُ جَهْدَهَا، وَلَوْ رَفَعَهَا إلَى قَاضٍ يَرَى الْخِيَارَ طَلْقَةً فَارْتَجَعَهَا الزَّوْجُ فَلَا يُبِيحُ لَهَا الْحُكْمُ مَا هُوَ عِنْدَهَا حَرَامٌ، وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الزَّوْجُ إلَّا وَهِيَ كَارِهَةٌ.
وراجعي الفتوى رقم: 225799.
والله أعلم.