عنوان الفتوى : الإعراض عن الزواج بالكلية لغير عذر مخالف لهدي النبي
أعلم أن الزاوج من سنن الله في خلقه وأن الزواج من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا أؤمن بهذا ولا أنكره، حاولت الزواج مرارا وجربت كل الطرق واستعنت بالله أولا وأصلحت نيتي وتفقهت في الأمر بأن سمعت المحاضرات ونصائح من هم أهل للنصح واستعنت بكل أقربائي ومعارفي في البحث عن الزوجة المناسبة، وتقدمت للعديد من الفتيات، وللأسف كلما أعجبتني فتاة فإن الرفض يأتي من طرفها أو يحدث مانع خارج عن سيطرتنا، تكرر هذا الأمر عدة مرات، وفي محاولاتي استثمرت الكثير من الوقت الثمين وكان ذلك على حساب أي شيء آخر يمكنني فعله كالتقدم في عملي, والتقرب أكثر من الله، وطلب العلم, والإحسان إلى والدي, أو أن أكون شخصا نافعا لبلده ومحيطه, وما شابه ذلك... وبعد هذه المحاولات لم تعد لي رغبة في الزواج, ليس إنكارا لهذه السنة ولكن لأن الأمر أتعبني، ولأنني أضيع الوقت، ولأن الأسباب تقطعت بي حيث لا أعلم طريقة للبحث إلا وجربتها، صحيح أنني شاب وأنعم الله علي بالوظيفة الجيدة ولكن شعري تساقط وتساقطت أسناني وهشت عظامي ـ لست مدخنا وأمارس الرياضة ولكنه ابتلاء ـ والحمد لله ـ لذا فحتى إمكانية أن تقبل بي فتاة في المستقبل تبقى ضعيفة وسؤالي هو: هل يمكنني أن أنزع أمر الزواج من تفكيري فقد أتعبني؟ كما أنني أعتقد أنني سأكون أسعد إذا فعلت ذلك بدل المحاولة والفشل في كل مرة، فبعد كل هذه المحاولات الفاشلة, أرغب في أن لا أفكر مجددا في أمر الزواج وأهتم بأمور أخرى يمكنني أن أنجح فيها كالعمل، فإن جاءت فرصة مناسبة فبها, وإن استمر الحال كما هو فعلى الأقل سأكون مهتما بأمور أخرى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن في الزواج من مصالح الدنيا والآخرة الشيء الكثير، فينبغي للمسلم السعي في تحصيل ذلك، لئلا يحرم نفسه هذا الفضل، والإعراض عن الزواج بالكلية ـ إن كان لغير عذر مقبول شرعا ـ فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، هذا مع العلم بأن الزواج قد يكون واجبا كما في حال من يخشى على نفسه الفتنة بتركه، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 20304، 62986، 195251.
ونحن معك في أن لا تجعل هذا الأمر هما وهاجسا يشغلك عن مصالح دينك ودنياك، ولكن عليك أن تمضي في البحث مستعينا بالله ولا تيأس، فما قدره الله لك كائن وسيأتيك ـ إن شاء الله ـ فالله تعالى لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، وإن غلب على ظنك أن يكون هنالك أمر غير عادي من عين أو سحر ونحو ذلك فاحرص على الرقية الشرعية، فإنها نافعة بإذن الله الواحد، فبها يدفع كل داء يؤذي، وعين كل حاسد، فالله هو الشافي لا شفاء إلا شفاؤه شفاء لا يغادر سقما، والأولى بالمسلم أن يرقي نفسه، فذلك أدعى للإخلاص، ولا بأس بأن يستعين في ذلك ببعض أهل الاستقامة إن احتاج إلى ذلك وليحذر من إتيان السحرة والكهان، وراجع الفتويين رقم: 4310، ورقم: 32989.
والله أعلم.