عنوان الفتوى : خطورة التمادي في المعاصي وأهمية التوبة والحذر من اليأس من رحمة الله

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

كنت أحفظ القرآن الكريم بانتظام من سن العاشرة حتى سن 14 سنة بالذهاب إلى المسجد يوميا، وكنت أحفظ جيدا، ووصلت إلى الجزء 15، وكان ذلك ينعكس على حياتي الدراسية حيث أحرز دائما المراكز الأولى وكنت في راحة نفسية وإيمانية، وكان عقلي وقلبي نظيفين ومنتبهين وأركز في دروسي، وكنت في سعادة، وكانت عندي دوافع للحياة والتقدم والمثابرة، وكنت أشعر برضا الله وأسعى إليه دائما، ولكن بالتدرج بدأ الكسل والتراخي يخترقني فلم أحفظ جيدا، ولا أذهب إلى المسجد حتى نسيت 15 جزءا، وأصبحت أفعل المعاصي الكثيرة، وابتعدت عن ربي كثيرا، وخسرت الكثير وخسرت رضا الله عني، ويئست من الحياة وأقول لنفسي ما فائدة المذاكرة؟ وما فائدة الحياة عندي وأنا أغضب الله وأبارزه بالمعاصي، فقد مارست العادة السرية، وفي كل ساعة أريد أن أموت من شدة الندم، وكلما قرأت القرآن أعرف كيف حذرنا الله من اتباع خطوات الشيطان، والشيطان سيقول دعوتكم فاستجبتم لي، وكلما أستعمل ماء ساخنا أقول يا رب كيف بعذاب النار؟ لا أذاكر إلا قبل الامتحان بيوم بسبب عدم التركيز فما فائده النجاح وأنا لا أشعر برضا الله؟ أكره نجاح الآخرين وأحقد عليهم لماذا يتمتعون براحة البال والذكاء ومنهم متبرجات وأنا محجبة وألبس الواسع لماذا يتقدمون؟ ولماذا هم واثقون من أنفسهم؟ وأتهم أبي وأمي بأنهما لم يعلماني التعامل مع الحياة فمثلا عندما بلغت لم تنبهني أمي على فترة المراهقة، فوقعت في أسر العادة السرية، وأفطرت في رمضان بسببها، والآن أصوم 60 يوما كفارة وعلي دين كبير من الصلاة والصيام ـ 7 سنوات ـ وهذا يثقل علي جدا، وأهلي لا يعرفون شيئا عما أعانيه، فقط هل أكلت؟.... وعندما كنت أقرأ: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ـ ولا تيأسوا من روح الله ـ كنت أفعل المعاصي وأقول ربنا رحيم...

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فنسأل الله لك الشفاء والعافية، وننصحك أولا بأن تحسني ظنك بربك تعالى، واعلمي أنه سبحانه غفور رحيم عفو بر كريم، فمهما كان ذنبك عظيما، فإن عفو الله تعالى أعظم، ويظهر من سؤالك أن فيك خيرا كثيرا، فلا تقنطي من رحمة الله ولا تيأسي من روحه سبحانه، وكلما أذنبت فتوبي ولا تملي التوبة، واعلمي أن الله تعالى أرحم بالعبد من الأم بولدها، وأن المعاصي والذنوب لا يخلو منها إنسان قط، وليس الشأن في ألا يذنب الإنسان، إنما الشأن في أن يتدارك ذنبه هذا بالتوبة، فتوبي إلى ربك تعالى، وأقبلي عليه مهما تكرر منك الذنب، وإياك أن يتسرب اليأس إلى قلبك، وجاهدي نفسك على الاستقامة والعودة لما كنت عليه سابقا من حفظ القرآن، واصحبي الصالحات وانتظمي في حلقة للتحفيظ أو نحو ذلك، وداومي ولو على القليل، فإن أحب العمل إلى الله أدومه، وإذا انقطعت فعودي، واعلمي أنك قد تتعبين أولا في مجاهدة نفسك ولكن سرعان ما ستشعرين بالراحة والطمأنينة في ظل طاعة الله سبحانه، وانظري الفتوى رقم: 139680.

وطهري قلبك من الحقد والحسد، لا تحسدي أحدا على ما آتاه الله، بل استحضري نعمة الله عليك فقد أعطاك الكثير مما لم يعطه لغيرك، واحمدي ربك على نعمته تلك، واعلمي أنك لا تأثمين بتلك الخواطر والأفكار، فإن الله تعالى تجاوز لهذه الأمة عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم، ولكن ينبغي لك أن تطردي الخواطر السيئة عنك، فإن حراسة الخواطر من أهم الوظائف التي يشتغل بها المؤمن، وانظري الفتوى رقم: 150491.

وأما أهلك: فاحمدي لهم تربيتك والإحسان إليك، واغفري لهم بعض تقصيرهم إن وجد منهم تقصير، فإنه بلا شك كان عن غير قصد، وأما ارتكابك العادة السرية في رمضان، فإن كنت جاهلة بكونها من المفطرات فلا قضاء عليك ولا كفارة، وإن كنت تعمدت فعلها مع العلم أنها من المفطرات فلا يجب عليك إلا القضاء، ولا تجب عليك كفارة لأنها لا تجب على الراجح إلا في الفطر بالجماع، وانظري الفتوى رقم: 79032.

وكذا إن كنت تركت شرطا من شروط الصلاة جهلا لم يلزمك القضاء عند بعض أهل العلم، وانظري الفتوى رقم: 125226.

وعليك بطرد الوساوس ومجاهدتها، فإن الاسترسال مع الوساوس يفضي إلى شر عظيم، وانظري الفتوى رقم: 51601.

وإن أمكن مراجعة بعض الأطباء النفسيين الثقات فذلك نافع ـ إن شاء الله ـ كما يمكنك مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا نسأل الله لك العافية.

والله أعلم.