عنوان الفتوى : الأنبياء معصومون من أعمال الشرك والكفر قبل بعثتهم
هل شارك النبي صلى الله عليه وسلم في الأنشطة الدينية لقريش قبل مبعثه، وأريد الأدلة من السيرة على النفي أو الإثبات؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما عبر عنه السائل بالأنشطة الدينية لقريش قبل المبعث، منها ما هو حق، وهو بقية من دين الخليل إبراهيم، كالطواف بالكعبة، وتعظيم الحرم. ومنه ما هو شرك كعبادة الأوثان.
والذي يظهر لنا أن محل سؤال السائل عن النوع الثاني، فإن كان كذلك، فهذا قد عصم الله تعالى منه نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد سبق لنا ذكر طرف من أدلة ذلك، فراجع الفتوى رقم: 25449.
هذا، وقد ذهب طائفة من أهل العلم إلى أن الأنبياء معصومون قبل بعثتهم من الكبائر والصغائر؛ وراجع الفتوى رقم: 191209.
وقال الدكتور عماد الشربيني في بحثه: (رد شبهات حول عصمة النبي صلى الله عليه وسلم): عصمة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - في الأمور السابقة ـ يعني الاعتقادات والتبليغ، والأقوال والأفعال ـ ثابتة لهم قبل النبوة، وبعدها في الكبائر والصغائر، عمدها وسرها، على الأصح، في ظاهرهم وباطنهم، ورضاهم وغضبهم، وهو ما أَدين لله تعالى به؛ لأن حال الأنبياء قبل النبوة يؤثر على مستقبل دعوتهم بعد النبوة سلباً وإيجاباً، وهذا هو الصحيح عندي ويطمئن إليه القلب، وتستريح إليه النفس، وهو مذهب كثير من العلماء المحققين المحقين من أهل الكلام والحديث ... اهـ.
ثم ذكر أدلة ذلك، وذكر في الحاشية بعض أهل العلم القائلين بذلك، وهم: ابن حزم في الفصل في الملل والنحل 2/285، 321، والإيجي في المواقف في علم الكلام ص358، 359، والجرجاني في شرح المواقف 8/288 - 290، وسعد الدين التفتازاني في شرح المقاصد 2/142، 143، وفخر الدين الرازي في المحصل ص219، 220 والقاضي عبد الجبار المعتزلي في شرح الأصول الخمسة ص573، 575، والشوكاني في إرشاد الفحول 1/161، وكثير من المحققين من أهل الحديث منهم القاضي عياض في الشفا 2/145، والقسطلاني في المواهب اللدنية، والزرقاني في شرحه على المواهب 9/5، 7/14، والأُبي في إكمال إكمال المعلم شرح صحيح مسلم 1/315، و ابن الوزير اليماني في الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم 1/118، وأبو نعيم الأصبهاني في دلائل النبوة عقد فصلاً بعنوان: "ذكر ما خصه الله عز وجل به من العصمة وحماه من التدين بدين الجاهلية 1/185 - 212، وكذلك فعل البيهقي في دلائل النبوة أيضاً فقد عقد عنواناً لهذا الموضوع فقال: "باب ما جاء في حفظ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في شبيبته عن أقذار الجاهلية ومعائبها… الخ 2/30 - 42، ومثلهما السيوطي في الخصائص الكبرى حيث قال: باب اختصاصه صلى الله عليه وسلم بحفظ الله إياه فى شبابه عما كان عليه أهل الجاهلية" 1/148 - 152.
والله أعلم.