عنوان الفتوى : يراعى في الدعوة إلى الله الفقه في الأولويات
أنا فتى أبلغ من العمر 17 عامًا متدين, وأعرف الله وأخافه منذ صغري, ويعود الفضل لله أولًا ثم للتربية الفاضلة الدينية التي تربيت عليها من قبل أهلي، وكنت من قبل أجد حلاوة الإيمان في قلبي, ولكني فقدته بعد أن أدمنت الكلام مع فتيات كثيرات عن طريق الإنترنت, مع العلم أنني لم أقابل فتاة من اللاتي كنت أكلمهن ولا مرة واحدة في عمري، كما أدمنت على ما يشكو منه كل شاب تقريبًا - وهو الأفلام القذرة التي ما زادتني إلا حرقة وألمًا تنقضي متعتها بعد بضع دقائق ويستمر ألمها – ولم تنجح توبتي ولا مرة واحدة، فأتوب إلى الله وأبتعد, ولكن دون جدوى, وفي بداية الأمر كنت أحاول أن أفيد الذين أكلمهم عن طريق مناقشتهم - مثل الملحدين محاولًا إقناعهم بوجود الله - والتحدث مع الفتيات المراهقات ونصحهن بأن يبتعدن عن ما يسمى بالجنس مع شباب في نفس أعمارهن قبل الزواج، عن طريق تخويفي لهن من العواقب الوخيمة لذلك الفعل, مع العلم أنهن من غير المسلمات, وكنت أعتقد أنني سأكسب الحسنات جراء ذلك؛ حتى قال لي البعض: إن الكلام في المحرمات لا يفيد، ووقعت في الحب – للأسف - وخرجت منه, ووقعت في أمور قبيحة, وعزمت ألا أعود إليها, ولكنني عدت, وكنت أتكلم مع البنات لأمور كثيرة: لمساعدتهن في أمر معين، وكان بعضهن يردن الانتحار, فأحاول بعث الأمل في قلوبهن من جديد, وبعضهن أحببتهن محبة صادقة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن باب التوبة مفتوح, وأن التوبة تقبل إذا تحققت شرائطها, وهي: الإقلاع، والندم، والعزم على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى، ولو فرض أنك رجعت إلى الذنب، فإنك تتوب مرة أخرى.
وأما قول البعض لك: إن الكلام في المحرمات لا يفيد فهو صحيح إن كان أراد أن الحديث مع المشركين في هذه الأمور لا يفيد؛ لأن المفروض هو أن تبدأ الحديث معهم في التوحيد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ عندما بعثه داعيًا إلى أهل اليمن فقال له: فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة إلا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أجابوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أجابوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم ... إلى آخر الحديث. رواه البخاري ومسلم.
ولكنه مع ذلك ليس مذمومًا، بل إن اقتناعهم بترك الفواحش وعفتهم أفضل من انهماكهم في الفواحش، واعلم أن طريق الاستقامة والبعد عن الفاحشة ونظر الحرام ليس صعبًا، والوسيلة المثلى له أن تحمل نفسك بجد على تقوى الله تعالى، وأن تراقبه في الغيب والشهادة، وأن لا تجعله أهون الناظرين إليك، وأن تعلم أنك موقوف بين يدي ربك سبحانه، فمحاسب على كل صغيرة وكبيرة جنتها عليك جوارحك، وقد بسطنا الكلام على هذا في الفتاوى التالية أرقامها: 66439، 93857، 59061 52421، 53400، 51769.
والله أعلم.